معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

قال الله تعالى { سيهزم الجمع } قرأ يعقوب : سنهزم بالنون ، الجمع نصب ، وقرأ الآخرون بالياء وضمها ، الجمع رفع على غير تسمية الفاعل ، يعني : كفار مكة ، { ويولون الدبر } يعني : الأدبار فوحد لأجل رؤوس الآي ، كما يقال ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأس إذا كان الواحد يؤدي معنى الجمع ، أخبر الله أنهم يولون أدبارهم منهزمين فصدق الله وعده وهزمهم يوم بدر .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال : " قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبته يوم بدر : اللهم إني أنشدك وعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم ، فأخذ أبو بكر بيده ، فقال : حسبك يا رسول الله ، فقد ألححت على ربك وهو في الدرع ، فخرج وهو يقول : سيهزم الجميع ويولون الدبر " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

قال تعالى مبينا لضعفهم ، وأنهم مهزومون : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } فوقع كما أخبر ، هزم الله جمعهم الأكبر يوم بدر ، وقتل من{[938]}  صناديدهم وكبرائهم ما ذلوا به{[939]}  ونصر الله دينه ونبيه وحزبه المؤمنين .


[938]:- في ب: وقتلت.
[939]:- في ب: فأذلوا.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

وقد رد الله - تعالى - عليهم بما يبطل دعاواهم فقال : { سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر } والتعريف فى { الجمع } لعهد ، والدبر : الظهر وما أدبر من المتجه إلى الأمام .

أى : سيهزم جمع هؤلاء الكافرين ويولون أدبارهم نحوكم - أيها المؤمنون - ويفرون من أمامكم .

والتعبير بالسين لتأكيد أمر هزيمتهم فى المستقبل القريب ، كما فى قوله - تعالى - : { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المهاد } والآية الكريمة من باب الإخبار بالغيب ، الدال على إعجاز القرآن الكريم .

قال الآلوسى : والآية من دلائل النبوة ، لأن الآية مكية ، وقد نزلت حيث لم يفرض جهاد ، ولا كان قتال ، ولذا قال عمر يوم نزلت : أى جمع يهزم ، أى : من جموع الكفار . فلما كان يوم بدر ، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثبت فى الدرع وهو يقول { سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر } فعرفت تأويلها يومئذ .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

قال الله تعالى : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } أي : سيتفرق شملهم ويغلبون .

قال البخاري : حدثنا إسحاق ، حدثنا خالد ، عن خالد - وقال أيضا : حدثنا محمد ، حدثنا{[27791]} عفان بن مسلم ، عن وُهيب ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - وهو في قبة له يوم بدر - : " أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن شئت لم تُعبد بعد اليوم{[27792]} أبدا " . فأخذ أبو بكر ، رضي الله عنه ، بيده وقال : حسبك يا رسول الله ! ألححت على ربك . فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ . بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } .

وكذا رواه البخاري والنسائي في غير موضع ، من حديث خالد - وهو مِهْران{[27793]} الحذاء - به{[27794]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الربيع الزّهرَاني ، حدثنا حماد عن أيوب ، عن عكرمة ، قال : لما نزلت { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } [ قال ] {[27795]} قال عمر : أيّ جمَع يهزم ؟ أيّ جَمْع يغلب ؟ قال عمر : فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ، وهو يقول : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } فعرفت تأويلها يومئذ {[27796]} .


[27791]:- (4) في م: "بن".
[27792]:- (5) في م: "بعد اليوم في الأرض".
[27793]:- (6) في م، أ: "وهو ابن مهران".
[27794]:- (7) صحيح البخاري برقم (2915، 3953، 4875، 4877) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11557).
[27795]:- (8) زيادة من أ.
[27796]:- (1) رواه عبد الرزاق في تفسيره (2/209) من طريق معمر عن أيوب به.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

وقوله : أمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَميعٌ مُنْتَصِرٌ يقول تعالى ذكره : أيقول هؤلاء الكفار من قريش : نحن جميع منتصر ممن قصدنا بسوء ومكروه ، وأراد حربنا وتفريق جمعنا ، فقال الله جلّ ثناؤه : سيهزم الجمع يعني جمع كفار قريش وَيُوَلّونَ الدّبُرَ يقول : ويولون أدبارهم المؤمنين بالله عن انهزامهم عنه . وقيل : الدبر فوحّد والمراد به الجمع كما يقال ضربنا منهم الرأس : أي ضربنا منهم الرؤوس : إذ كان الواحد يؤدي عن معنى جمعه ، ثم إن الله تعالى ذكره صدّق وعده المؤمنين به فهزم المشركين به من قريش يوم بدر وولوهم الدّبر . كما :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أيوب قال : لا أعلمه إلا عن عكرمة أن عمر قال لما نزلت سَيُهْزَمُ الجَمْعُ جعلت أقول : أيّ جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ويقول : «سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ » .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال : يوم بدر .

قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، قوله : سَيُهْزَمُ الجَمْعُ يعني جمع بدر وَيُوَلّونَ الدّبُرَ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : سَيُهْزَمُ الجَمْعُ . . . الاَية ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر «هُزِمُوا وَوَلّوُا الدّبُرَ » .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال : هذا يوم بدر .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرِمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . كان يثب في الدرع ويقول : «هُزِمَ الجَمْعُ وَوَلّوُا الدّبُرَ » .

حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال : كان ذلك يوم بدر . قال : قالوا نحن جميع منتصر ، قال : فنزلت هذه الاَية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

{ سيهزم الجمع ويولون الدبر } أي الأدبار وإفراده لإرادة الجنس ، أو لأن كل واحد يولي دبره وقد وقع ذلك يوم بدر وهو من دلائل النبوة . وعن عمر رضي الله تعالى عنه " أنه لما نزلت قال : لم أعلم ما هو فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس الدرع ويقول : سيهزم الجمع ، فعلمته " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

هذه عدة من الله تعالى لرسوله أن جمع قريش سيهزم نصرة له ، والجمهور على أن الآية مكية ، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال : كنت أقول في نفسي أي جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت في الدرع ويقول { سيهزم الجمع ويولون الدبر } .

قال القاضي أبو محمد : فإنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر مستشهداً بالآية . وقال قوم : إن الآية نزلت يوم بدر .

وقال أبو حاتم : وقرأ بعض القراء : «سيَهزِم » بفتح الياء وكسر الزاي «الجمعَ » نصباً ، قال أبو عمرو الداني قرأ أبو حيوة : «سنهزِم » بالنون وكسر الزاي «الجمعَ » نصباً . «وتولون » بالتاء من فوق ، ثم تركت هذه الأقوال ، وأضرب عنها تهمماً بأمر الساعة التي عذابها أشد عليهم من كل هزيمة وقتل فقال : { بل الساعة موعدهم } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

فقوله : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } جواب عن قولهم : { نحن جميع منتصر } فلذلك لم تعطف الجملة على التي قبلها . وهذا بشارة لرسوله صلى الله عليه وسلم بذلك وهو يعلم أن الله منجز وعده ولا يَزيد ذلك الكافرين إلا غروراً فلا يعيروه جانب اهتمامهم وأخذ العدة لمقاومته كما قال تعالى في نحو ذلك : { ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً } [ الأنفال : 44 ] .

والتعريف في { الجمع } للعهد ، أي الجمع المعهود من قوله : { نحن جميع منتصر } والمعنى : سيهزم جمعهم . وهذا معنى قول النحاة : اللام عوض عن المضاف إليه .

والهزم : الغلب ، والسين لتقريب المستقبل ، كقوله : { قل للذين كفروا ستغلبون } [ آل عمران : 12 ] . وبني الفعل للمجهول لظهور أن الهازم المسلمون .

و { يولُّون } : يجعلون غيرهم يلي ، فهو يتعدى بالتضعيف إلى مفعولين ، وقد حذف مفعوله الأول هنا للاستغناء عنه إذ الغرض الإِخبار عنهم بأنهم إذا جاء الوغى يفرون ويولُّونكم الأدبار .

و { الدُّبُر } : الظهر ، وهو ما أدبر ، أي كان وراءً ، وعكسه القبل .

والآية : إخبار بالغيب ، فإن المشركين هُزموا يوم بدر ، وولوا الأدبار يومئذٍ ، وولوا الأدبار في جمع آخر وهو جمع الأحزاب في غزوة الخندق ففرُّوا بليل كما مضى في سورة الأحزاب وقد ثبت في « الصحيح » أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج لصف القتال يوم بدر تلا هذه الآية قبل القتال ، إيماء إلى تحقيق وعد الله بعذابهم في الدنيا .

وأفرد الدبر ، والمراد الجمعُ لأنه جنس يصدق بالمتعدد ، أي يولي كل أحد منهم دبره ، وذلك لرعاية الفاصلة ومزاوجة القرائن ، على أن انهزام الجمع انهزامة واحدة ولذلك الجيش جهة تولَ واحدة . وهذا الهزم وقع يوم بدر .

روي عن عكرمة أن عمر بن الخطاب قال : " لما نَزلت { سيهزم الجمع ويولون الدبر } جَعَلْتُ أقول : أيُّ جمع يهزم ؟ فلما كان يومُ بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ، ويقول : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } " اه ، أي لم يتبين له المراد بالجمع الذي سيُهزم ويولِّي الدبر فإنه لم يكن يومئذٍ قتال ولا كان يخطر لهم ببال .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {سيهزم الجمع} يعني جمع أهل بدر {ويولون الدبر} يعني الأدبار لا يلوون على شيء.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"أمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَميعٌ مُنْتَصِرٌ "يقول تعالى ذكره: أيقول هؤلاء الكفار من قريش: نحن جميع منتصر ممن قصدنا بسوء ومكروه، وأراد حربنا وتفريق جمعنا. فقال الله جلّ ثناؤه: سيهزم الجمع يعني جمع كفار قريش "وَيُوَلّونَ الدّبُرَ" يقول: ويولون أدبارهم المؤمنين بالله عن انهزامهم عنه... ثم إن الله تعالى ذكره صدّق وعده المؤمنين به فهزم المشركين به من قريش يوم بدر وولوهم الدّبر... عن عكرمة أن عمر قال لما نزلت "سَيُهْزَمُ الجَمْعُ" جعلت أقول: أيّ جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ويقول: «سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ».

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(سيهزم الجمع) معناه إن جميعهم سيهزمون (ويولون الدبر) ولا يثبتون لقتالك، وكان كذلك فكان موافقته لما أخبر به معجزا له لأنه إخبار بالغيب قبل كونه، وانهزم المشركون يوم بدر وقتلوا وسبوا على ما هو معروف.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{سيهزم الجمع ويولون الدبر} وهو أنهم ادعوا القوة العامة بحيث يغلب كل واحد منهم محمدا صلى الله عليه وسلم والله تعالى بين ضعفهم الظاهر الذي يعمهم جميعهم.

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{سَيُهْزَمُ الجمع} ردٌّ وإبطالٌ لذلكَ، والسينُ للتأكيدِ أي يُهزم جمعُهم البتةَ {وَيُوَلُّونَ الدبر} والتوحيدُ لإرادةِ الجنسِ أو إرادةِ أن كلّ واحدٍ منهم يولِّي دبرَه، وقد كان كذلكَ يومَ بدرٍ.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والآية: إخبار بالغيب، فإن المشركين هُزموا يوم بدر، وولوا الأدبار يومئذٍ، وولوا الأدبار في جمع آخر وهو جمع الأحزاب في غزوة الخندق ففرُّوا بليل كما مضى في سورة الأحزاب.