بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

يقول الله تعالى : { سَيُهْزَمُ الجمع } يعني : سيهزم جمع أهل مكة في الحرب { وَيُوَلُّونَ الدبر } يعني : ينصرفون من الحرب ، منهزمين . يعني : به : يوم بدر ، وفي هذا علامة من علامات النبوة ، لأن هذه الآية نزلت بمكة ، وأخبرهم أنهم سيهزمون في الحرب ، فكان كما قال . وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، أن عمر رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : { سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر } فكنت لم أعلم ما هي ، وكنت أقول : أي جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر ، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثبت في الدرع ، ويقول : «سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلَّوْنَ الدُّبَر » وقال الزجاج : «ويولون الدبر » يعني : الإدبار ، كقوله تعالى : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يقاتلوكم يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } [ آل عمران : 111 ] لأن اسم الواحد يدل على الجمع ، وكذلك قوله تعالى : { إِنَّ المتقين في جنات وَنَهَرٍ } [ القمر : 54 ] أي : أنهار . وذكر عن الفراء أنه قال : إنما وحّد لأنه رأس آية تقابل بالتوحيد رؤوس الآي . وكذلك في الدبر ، لموافقته رؤوس الآي .