فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} (45)

{ أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر( 43 )أم يقولون نحن جميع منتصر( 44 )سيهزم الجمع ويولون الدبر( 45 )بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر( 46 ) } .

فهل من كفر بعد بعثة النبي الخاتم أشد قوة وأكثر أموالا وأولادا ممن سبقهم من الكفار المهلكين ، فهو يحسب أنه بمنجى من بأس ربنا القوي المتين ؟ ! أم لهم من القوي الجبار عِدَةٌ نزلت في الكتب المنزلة بسلامتهم من الانتقام ؟ أو هو استفهام إنكاري يراد به النفي ، بمعنى : ليس كفاركم خيرا ممن تقدم من الأمم الذين أُهلكوا بكفرهم-والمراد بالخيرية باعتبار الدنيا وزينتها ككثرة القوة والشدة ووفور العدد والعدة ، أو باعتبار لين الشكيمة في الكفر بأن يكون الكفار المُحَدّث عنهم بالخيرية أقل عنادا وأقرب طاعة وانقيادا-{[5952]} بل أيقولون نحن عصبة نَقْهَرُ ولا نُقْهَرُ ؟ ! كلا ! بل سيهزم كل جمع تلاقى على الكفر ، ويفرون من وجه المؤمنين مولين أدبارهم وظهورهم ناحية جند الله المؤيدين ، بل ينتظرهم ما هو أنكى من الهزيمة العاجلة ، وأدهى وأشد نكرا حتى لا يُهْتَدى إلى الخلاص منه ، يوم يُعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام : { قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد }{[5953]} . { إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا . وإذا أُلْقُوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا . لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا }{[5954]} .


[5952]:ما بين العارضتين مما أورد الألوسي جـ27،ص91.
[5953]:سورة آل عمران. الآية16.
[5954]:سورة الفرقان.الآيات:14،13،12.