ثم بين - سبحانه - ما كان منهم من كفر وفجور فقال : { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } أى : فتكبروا واستهانوا بما أمرهم الله - تعالى - به على لسان نبيهم صالح - عليه السلام - .
{ فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة } وهى كل عذاب مهلك ، من الصعق بمعنى الإهلاك .
{ وَهُمْ يَنظُرُونَ } أى : وهم يرونها عيانا ، لأن العذاب - كما تشير الآية - نزل بهم نهارا .
وعتوا عن أمر ربهم ، فحق عليهم الهلاك .
وما يقال في الحجارة التي أرسلت على قوم لوط ، وفي الريح التي أرسلت على عاد ، يقال في الصاعقة التي أرسلت على ثمود . فكلها قوى كونية مدبرة بأمر الله ، مسخرة بمشيئته وبنواميسه . يسلطها على من يشاء في إطار تلك النواميس . فتؤدي دورها الذي يكلفها الله . كأي جند من جند الله .
ويجيء قوله تعالى : { فعتوا } مرتباً لفظاً في الآية ومعنى في الوجود متأخراً عن القول لهم { تمتعوا } ، ويحتمل أن يريد : إذ قيل لهم بعد عقر الناقة : { تمتعوا في داركم ثلاثة أيام }{[10616]} ، وهي الحين على هذا التأويل وهو قول الفراء ، ويجيء قوله : { فعتوا } غير مرتب المعنى في وجوده ، لأن عتوهم كان قبل أن يقال لهم { تمتعوا } وكأن المعنى فكان من أمرهم قبل هذه المقالة أن عتوا وهو السبب في أن قيل لهم ذلك وعذبوا .
وقرأ جمهور القراء : «الصاعقة » وقرأ الكسائي وهي قراءة عمر وعثمان «الصعقة » ، وهي على القراءتين الصيحة العظيمة ، ومنه يقال للوقعة الشديدة من الرعد : صاعقة . وهي التي تكون معها النار التي يروى في الحديث أنها من المخراق الذي بيد ملك يسوق السحاب{[10617]} .
وقوله : { وهم ينظرون } يحتمل أن يريد فجأة وهم يبصرون بعيونهم حالهم ، وهذا قول الطبري ويحتمل أن يريد : { وهم ينظرون } ذلك في تلك الأيام الثلاثة التي أعلموا به فيها ورأوا علاماته في تلونه ، وهذا قول مجاهد حسبما تقدم تفسيره ، وانتظارهم العذاب هو أشد من العذاب .
والعتوّ : الكِبر والشدة . وضمن « عَتَوْا » معنى : أَعرضوا ، فعدي ب ( عن ) ، أي فأعرضوا عما أمرهم الله على لسان رسوله صالح عليه السلام .
وأخذ الصاعقة إياهم إصابتها إياهم إصابة تشبه أخذ العدوّ عدوه .
وجملة { وهم ينظرون } حال من ضمير النصْب في { أخذتهم } ، أي أخذتهم في حال نظرهم إلى نزولها ، لأنهم لما رأوا بوارقها الشديدة علموا أنها غير معتادة فاستشرفوا ينظرون إلى السحاب فنزلت عليهم الصاعقة وهم ينظرون ، وذلك هول عظيم زيادة في العذاب فإن النظر إلى النقمة يزيد صاحبها ألماً كما أن النظر إلى النعمة يزيد المنعم مسرّة ، قال تعالى : { وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون } [ البقرة : 50 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.