مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (44)

وقوله { فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون } فيه بحث وهو أن عتا يستعمل بعلى قال تعالى : { أيهم أشد على الرحمن عتيا } وهاهنا استعمل مع كلمة عن فنقول فيه معنى الاستعتاء فحيث قال تعالى : { عن أمر ربهم } كان كقوله : { لا يستكبرون عن عبادته } وحيث قال على كان كقول القائل فلان يتكبر علينا ، والصاعقة فيه وجهان ذكرناهما هنا ( أحدها ) أنها الواقعة . ( والثاني ) الصوت الشديد وقوله : { وهم ينظرون } إشارة إلى أحد معنيين إما بمعنى تسليمهم وعدم قدرتهم على الدفع كما يقول القائل للمضروب يضربك فلان وأنت تنظر إشارة إلى أنه لا يدفع ، وأما بمعنى أن العذاب أتاهم لا على غفلة بل أنذروا به من قبل بثلاثة أيام وانتظروه ، ولو كان على غفلة لكان لمتوهم أن يتوهم أنهم أخذوا على غفلة أخذ العاجل المحتاج ، كما يقول المبارز الشجاع أخبرتك بقصدي إياك فانتظرني .