فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (44)

{ وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين( 43 )فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون( 44 )فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين( 45 ) } .

وفي قبيلة ثمود قوم صالح وما أحل الله تعالى بهم من نقمته آية وعبرة ومزدجر لمن يتأمل ويتفكر ، فقد ناداهم نبيهم : { . . أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم . قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين }{[5489]} فأمهلهم رسول الله إليهم { . . فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب }{[5490]} { قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه{[5491]} وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله . . }{[5492]} فأتتهم صيحة من السماء فيها كل مفزع ومهلك ، أو نيران وشهب ، فأهلكتهم وهم ينظرون إليها ويعاينونها- ويحتاج إلى تنزيل المسموع منزلة المبصر على القول بأن الصاعقة الصيحة . . وقال مجاهد : { ينظرون } بمعنى ينتظرون ؛ أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب في تلك الأيام الثلاثة التي رأوا فيها علاماته ، وانتظار العذاب أشد من العذاب{[5493]}- فجثموا وقعدوا عاجزين عن دفع ما يحل بهم أو منعه أو حتى الإفلات والهروب منه ؛ ولم ينتصروا بغيرهم وقد أعياهم أن ينتصروا بأنفسهم ؛ وقد أنذر الله بهذا كل باغ مهما أوتي من بأس وقوة بطش : { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون }{[5494]} .


[5489]:سورة الأحقاف. من الآية 21، والآية 22.
[5490]:سورة هود. من الآية 65.
[5491]:لنقتلن صالحا وأتباعه.
[5492]:سورة النمل. من الآية 49.
[5493]:ما بين العارضتين مما أورد الألوسي.
[5494]:سورة الأحقاف. الآية 26؛ فهؤلاء آتاهم الله من المال والأولاد والقوة ما لم يؤت من عداهم، لكن حين استنزلوا سخط الله تعالى بالفساد، وجحدوا ما جاءهم من الرشد والحق، واستحبوا العمى على الهدى، لم تغن عنهم قوتهم، ولم تدفع ما أحله الله بهم.