السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَهُمۡ يَنظُرُونَ} (44)

{ فعتوا } أي أوقعوا بسبب إحساننا إليهم العتوّ وهو التكبر والإباء { عن أمر ربهم } أي : مولاهم الذي أعظم إحسانه إليهم فعقروا ناقته وأرادوا قتل نبيه صالح عليه السلام { فأخذتهم } أي : بسبب عتوّهم أخذ قهر وعذاب { الصاعقة } أي : الصيحة العظيمة التي حملتها الريح فأوصلتها إلى مسامعهم بغاية العظمة ورجت ديارهم رجة أزالت أرواحهم بالصعق ، وقرأ الكسائي بإسكان العين ولا ألف قبلها ، والباقون بكسر العين وقبلها ألف وقوله تعالى : { وهم ينظرون } دال على أنها كانت في غمام وكان فيها نار ، ويجوز مع كونه من النظر أن يكون أيضاً من الانتظار فإنهم وعدوا نزول العذاب بعد ثلاثة أيام وجعل في كل يوم علامة وقعت بهم فتحققوا وقوعه في اليوم الرابع . وقال بعض المفسرين : المراد منه هو ما أمهلهم الله تعالى بعد عقرهم الناقة وهو ثلاثة أيام بقوله تعالى : { تمتعوا في داركم ثلاثة أيام } [ هود : 65 ] وكان في تلك الأيام تتغير ألوانهم فتحمر وتصفر وتسودّ قال الرازي : وهذا ضعيف ، لأنّ قوله تعالى { فعتوا عن أمر ربهم } بحرف الفاء دليل على أنّ العتوّ كان بعد قوله تعالى : { تمتعوا } فإذاً الظاهر أنّ المراد هو ما قدّر الله تعالى للناس من الآجال فما من أحد إلا وهو ممهل مدّة الأجل انتهى . ولحسن هذا فسرت الآية به .