معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَمَا لَيۡسَ لَهُم بِهِۦ عِلۡمٞۗ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٖ} (71)

قوله تعالى : { ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً } حجة وبرهان { وما ليس لهم به علم } يعني أنهم فعلوا ما فعلوا عن جهل لا عن علم { وما للظالمين } للمشركين ، { من نصير } مانع يمنعهم من عذاب الله .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَمَا لَيۡسَ لَهُم بِهِۦ عِلۡمٞۗ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٖ} (71)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظّالِمِينَ مِن نّصِيرٍ } .

يقول تعالى ذكره : ويعبد هؤلاء المشركون بالله من دونه ما لم ينزل به جلّ ثناؤه لهم حجة من السماء في كتاب من كتبه التي أنزلها إلى رسله ، بأنها آلهة تصلح عبادتها فيعبدوها ، بأن الله أذن لهم في عبادتها ، وما ليس لهم به علم أنها آلهة . وما للظّالِمِينَ مِنْ نَصيِر يقول : وما للكافرين بالله الذين يعبدون هذه الأوثان من ناصر ينصرهم يوم القيامة ، فينقذهم من عذاب الله ويدفع عنهم عقابه إذا أراد عقابهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَمَا لَيۡسَ لَهُم بِهِۦ عِلۡمٞۗ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٖ} (71)

ثم ذكر تعالى على جهة التوبيخ فعل الكفرة في أنهم { يعبدون } من الأصنام { من دون الله ما لم ينزل } الله فيه حجة ولا برهاناً . و «السلطان » ، الحجة حيث وقع في القرآن ، وقوله { وما للظالمين من نصير } ، توعد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَمَا لَيۡسَ لَهُم بِهِۦ عِلۡمٞۗ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٖ} (71)

يجوز أن يكون الواو حرف عطف وتكون الجملة معطوفة على الجملة السابقة بما تفرّع عليها عطف غرض على غرض .

ويجوز أن يكون الواو للحال والجملة بعدها حالاً من الضمير المرفوع في قوله { جادلوك } [ الحج : 68 ] ، والمعنى : جادلوك في الدين مستمرين على عبادة ما لا يستحق العبادة بعدما رأوا من الدلائل ، وتتضمن الحال تعجيباً من شأنهم في مكابرتهم وإصرارهم .

والإتيان بالفعل المضارع المفيد للتجدّد على الوجهين لأن في الدلائل التي تحفّ بهم والتي ذُكّروا ببعضها في الآيات الماضية ما هو كاف لإقلاعهم عن عبادة الأصنام لو كانوا يريدون الحق .

و { من دون } يفيد أنهم يُعرضون عن عبادة الله ، لأن كلمة { دون } وإن كانت اسماً للمباعَدة قد يصدق بالمشاركة بين ما تضاف إليه وبين غيره . فكلمة ( دون ) إذا دخلت عليها ( مِن ) صارت تفيد معنى ابتداء الفعل من جانب مباعد لما أضيف إليه ( دون ) . فاقتضى أن المضاف إليه غيرُ مشارك في الفعل . فوجه ذلك أنهم لما أشربت قلوبهم الإقبال على عبادة الأصنام وإدخالها في شؤون قرباتهم حتى الحج إذ قد وضعوا في شعائره أصناماً بعضها وضعوها في الكعبة وبعضها فوق الصفا والمروة جعلوا كالمعطلين لعبادة الله أصلاً .

والسلطان : الحجة . والحجة المنزّلة : هي الأمر الإلهي الوارد على ألْسنة رسله وفي شرائعه ، أي يعبدون ما لا يجدون عذراً لعبادته من الشرائع السالفة : وقصارى أمرهم أنهم اعتذروا بتقدم آبائهم بعبادة أصنامهم ، ولم يدّعوا أن نبيئاً أمر قومه بعبادة صنم ولا أن ديناً إلهياً رخص في عبادة الأصنام .

و { ما ليس لهم به علم } ، أي ليس لهم به اعتقاد جازم لأنّ الاعتقاد الجازم لا يكون إلاّ عن دليل ، والباطل لا يمكن حصول دليل عليه . وتقديم انتفاء الدليل الشرعي على انتفاء الدليل العقلي لأنّ الدليل الشرعي أهمّ .

و { ما } التي في قوله { وما للظالمين من نصير } نافية . والجملة عطف على جملة { ويعبدون من دون الله } أي يَعبدون ما ذكر وما لهم نصير فلا تنفعهم عبادة الأصنام . فالمراد بالظالمين المشركون المتحدّث عنهم ، فهو من الإظهار في مقام الإضمار للإيماء إلى أن سبب انتفاء النصير لهم هو ظلمهم ، أي كفرهم . وقد أفاد ذلك ذهاب عبادتهم الأصنام باطلاً لأنهم عبدوها رجاء النصر . ويفيد بعمومه أن الأصنام لا تنصرهم فأغنى عن موصول ثالث هو من صفات الأصنام كأنه قيل : وما لا ينصرهم ، كقوله تعالى : { والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم } [ الأعراف : 197 ] .