الآية 71 : وقوله تعالى : { ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا } حججا وبراهين{ وما ليس لهم به علم } يخبر عن سفههم أنهم يعبدون غير الله ، ولا سلطان ، ولا حجة لهم في ذلك ، ولا علم ، لأنهم كانوا لا يؤمنون برسول يخبرهم ، ولا كان لهم كتاب ، فيعلمون به فيقول : إنهم يقولون : الله أمرهم بذلك ، ولا حجة لهم في ذلك ، ولا علم .
وفيه أنه إنما بعث الرسل إليهم على علم له منهم أنهم يكذبون الرسل ، لأن من الناس من ينكر بعث الرسل إلى من يعلم أنه يكذبهم ، ويترك إجابتهم ، كمن لا يبعث في الشاهد رسولا إلى من يعلم أنه يكذبه ، ولا يجيبه ، فعلى ذلك يقولون : لا يجوز أن يكون الله يبعث الرسول إلى من يعلم أنه يكذبه ، ولا يجيبه .
لكن الله أخبر أنه على علم منهم بالتكذيب وترك الإجابة . بعثهم ( لا على الجهل حين ){[13220]} قال : { ألم تعلم أن الله يعلم ما في السموات والأرض } .
وأما قولهم : إن من علم في الشاهد تكذيب المرسل إليه رسوله فإنه لا يبعثه إليه ، لأن المرسل إنما يبعثه لحاجة نفسه ومنافعه . فإذا علم منه تكذيبه وترك الإجابة له لم يبعثه .
فأما الله سبحانه وتعالى إنما يرسل لحاجة ( المرسل إليه ومنافعه لا لحاجة ){[13221]} نفسه ومنفعته . فلا ضرر يلحقه في تكذيبه وجحوده . فجائز ( أن يكون ){[13222]} أرسله على علم منه بالتكذيب {[13223]} .
وقوله تعالى : { إن ذلك في كتاب } قال بعضهم : إن ذلك في الكتاب الذي عنده{ إن ذلك على الله يسير } يقول : حفظه يسير على الله بغير كتاب ، لا يصعب عليه حفظ شيء ، لأنه عالم بذاته لا بسبب ولا تعليم . وإنما يصعب ذلك على من كان علمه بالشيء بسبب أو تعليم .
وقوله تعالى : { ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير }فيه دلالة رد قول القدرية حين{[13224]} قالوا : يكذب من كذب الرسل لا بإرادة الله . فذكر أنه بعثهم{[13225]} على علم منه ذلك .
وكذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( سيكون في آخر الزمان ناس من أمتي يكذبون بالقدر . سيكفيكم من الرد عليهم أن تقولوا{ ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض } ) ( السيوطي في الدر المنثور 6/74 ) .
وتأويل هذا ، والله أعلم ، أن يسألوا ، فيقال لهم : أأراد{[13226]} الله أن يصدق في خبره الذي أخبر ، أم{[13227]} يكذب . فإن قالوا : أراد أن يصدق في خبره{[13228]} لزمهم أن يقولوا : أراد الله جميع ما كان منهم . وإن قالوا : أراد أن يكذب خبره ، فيكون كفرا محضا .
وقوله تعالى : { ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا }هو ما ذكرنا أنه يسففهم بعبادتهم دون الله بلا حجة ولا برهان ولا علم وتركهم عبادة الله مع الحجج والبراهين والعلم أنه إله وأنه ربهم مستوجب للعبادة .
وقوله تعالى : { وما للظالمين من نصير } ينصرهم ، ويمنعهم من عذاب الله . ففيه دلالة إثبات رسالته لأنه قال ذلك للرؤساء منهم والقادة . فلم يتهيأ لهم نصرهم{[13229]} بشيء ولا ردهم{[13230]} ما قال بشيء . دل أنه بالله كان ذلك ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.