معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ} (16)

قوله تعالى : { وجاؤوا أباهم عشاء يبكون } ، قال أهل المعاني : جاؤوا في ظلمة العشاء ليكونوا أجرأ على الاعتذار بالكذب . وروي أن يعقوب عليه السلام سمع صياحهم وعويلهم فخرج وقال : مالكم يا بني هل أصابكم في غنمكم شيء ؟ قالوا : لا . فما أصابكم وأين يوسف ؟ .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ} (16)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَجَآءُوَا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ * قَالُواْ يَأَبَانَا إِنّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لّنَا وَلَوْ كُنّا صَادِقِينَ } .

يقول جلّ ثناؤه : وجاء إخوة يوسف أباهم ، بعد ما ألقوا يوسف في غيابة الجبّ ، { عِشاءً يَبْكُونَ } . وقيل : إن معنى قوله : { نَسْتَبِقُ } : ننتضل من السباق . كما :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : أقبلوا على أبيهم عشاء يبكون . فلما سمع أصواتهم ، فزع ، وقال : ما لكم يا بنيّ ؟ هل أصابكم في غنمكم شيء ؟ قالوا : لا ، قال : فما فعل يوسف ؟ قالوا : { يا أبانا إنّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فأكَلَهُ الذَئْبُ } ، فبكى الشيخ ، وصاح بأعلى صوته ، وقال : أين القميص ؟ فجاءوه بالقميص عليه دم كذب ، فأخذ القميص ، فطرحه على وجهه ، ثم بكى حتى تخضب وجهه من دم القميص .

وقوله : { وَما أنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا } ، يقولون : وما أنت بمصدّقنا على قيلنا : إن يوسف أكله الذئب ، { وَلَوْ كُنّا صَادِقِينَ } . كما :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : { وَما أنْتَ بِمُؤْمِنٍ } ، لَنا قال : بمصدّق لنا . . . { وَلَوْ كُنّا صَادِقِينَ } ، إما خبر عنهم أنهم غير صادقين ، فذلك تكذيب منهم أنفسهم ، أو خبر منهم عن أبيهم أنه لا يصدقهم لو صدَقوه ، فقد علمت أنهم لو صَدقوا أباهم الخبر صَدّقهم ؟ قيل : ليس معنى ذلك بواحد منهما ، وإنما معنى ذلك : وما أنت بمصدّق لنا ولو كنا من أهل الصدق الذين لا يتهمون لسوء ظنك بنا وتهمتك لنا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ} (16)

{ وجاءوا أباهم عشاء } أي آخر النهار . وقرئ " عشيا " وهو تصغير عشي وعشي بالضم والقصر جمع أي عشوا من البكاء . { يبكون } متباكين . روي أنه لما سمع بكاءهم فزع وقال ما لكم يا بني وأين يوسف .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ} (16)

قرأت فرقة «عشاء » أي وقت العشاء ، وقرأ الحسن : «عشى » على مثال دجى ، أي جمع عاش ، قال أبو الفتح : «عشاة » كماش ومشاة ، ولكن حذفت الهاء تخفيفاً كما حذفت من مألكة ، وقال عدي :

أبلغ النعمان عني مألكاً*** أنه قد طالب حبسي وانتظاري{[6595]}

قال القاضي أبو محمد : ومعنى ذلك أصابهم عشا من البكاء أو شبه العشا إذ كذلك هي هيئة عين الباكي لأنه يتعاشى ، ومثل شريح في امرأة بكت وهي مبطلة ببكاء هؤلاء وقرأ الآية .


[6595]:البيت لعدي بن زيد بن حماد، وهو من أسرة بني العباد الذين كتبوا لكسرى وسفروا بينه وبين العرب، وقد نشأ في بلاط النعمان، ثم أعجب به كسرى أنو شروان فثبته في بلاطه، وبهذا كان عدي أول من كتب بالعربية في ديوان الأكاسرة. وقد بلغ من المنزلة عند النعمان أنه تزوج من هند بنت النعمان، ثم وشى الحساد به عند النعمان فحبسه – وفي سجنه أرسل إليه القصائد، والبيت مطلع واحدة من قصائده هذه. والمألك: الرسالة، وفيه يذكر النعمان بأنه قضى مدة طويلة في سجنه، وأنه لا يزال في انتظار عفوه.