اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ} (16)

قوله تعالى : { وجآءوا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } الآية في " عِشَاءً " وجهان :

أصحهما : وهو الذي لا ينبغي أن [ يقال ] غيره أنه ظرف ، أي : ظرف زمان أي : جاءوا في هذا الوقت . قال أهل المعاني : جاءوا في ظلمة العشاء ليكونوا أجرأ على الاعتذار بالكذب . و " يَبْكُونَ " جملة حالية ، أي : جاءوه باكين .

والثاني : أن يكون " عِشَاءً " جمع عاشٍ ، كقَائِم وقِيَام .

قال أبو البقاء : " ويقرأ بضم العين ، والأصل : عُشَاة ، مثل : غازٍ وغزاة فحذفت الهاء وزيدت الألف عوضاً عنها ، ثم قلبت الألف همزة " .

وفيه كلام قد تقدم في آل عمران عند قوله { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } [ آل عمران : 156 ] .

ويجوز أن يكون جمع فاعل على فعال ، كما جمع فَعِيل على فُعال ، لقرب ما بين الكسر والضم ، ويجوز أن يكون كنؤام ورباب وهو شاذ .

وهذه قراءة الحسن ، وهو من العشْوة . والعُشْوَة : هي الظلام . رواه ابن جني " عُشَاءً " بضم العين وقال : عشوا من البكاء . وقرأ الحسن : " عُشاً " على وزن " دُحَى " نحو غازٍ وغُزاة ، ثم حذفت منه تاء التأنيث [ كما حذفوا تاء التأنيث من ] " مَألِكَة " فقالوا : مَألِك ، وعلى هذه الأوجه يكون منصوباً على الحال . وقرأ الحسن أيضاً : " عُشَيًا " مصغراً .