قوله تعالى : { ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم . يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } . أراد به ما كانوا يفعلونه عند حلول أجل الدين من زيادة المال وتأخير الطلب .
قوله تعالى : { واتقوا الله } . في أمر الربا فلا تأكلوه .
قوله تعالى : { لعلكم تفلحون } . ثم خوفهم ، فقال : { واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون } .
{ يَآ أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرّبَا أَضْعَافاً مّضَاعَفَةً وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ }
يعني بذلك جلّ ثناؤه : يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله ، لا تأكلوا الربا في إسلامكم ، بعد إذ هداكم له ، كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم . وكان أكلهم ذلك في جاهليتهم أن الرجل منهم كان يكون له على الرجل مال إلى أجل ، فإذا حلّ الأجل طلبه من صاحبه ، فيقول له الذي عليه المال : أخر عني دينك ، وأزيدك على مالك ! فيفعلان ذلك ، فذلك هو الربا أضعافا مضاعفة ، فنهاهم الله عزّ وجلّ في إسلامهم عنه . كما :
حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : كانت ثقيف تَداين في بني المغيرة في الجاهلية ، فإذا حلّ الأجل ، قالوا : نزيدكم وتؤخرون ! فنزلت : { لا تَأْكُلُوا الرّبا أضْعافا مُضَاعَفَةً } .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تأْكُلُوا الرّبا أضْعافا مُضَاعَفَةً } : أي لا تأكلوا في الإسلام إذ هداكم له ، ما كنتم تأكلون إذ أنتم على غيره مما لا يحلّ لكم في دينكم .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرّبا أضْعافا مُضَاعَفَةً } قال : ربا الجاهلية .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال سمعت ابن زيد يقول في قوله : { لاَتَأْكُلُوا الرّبا أضْعافا مُضَاعَفَةً } قال : كان أبي يقول : إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السنّ ، يكون للرجل فضل دين ، فيأتيه إذا حلّ الأجل ، فيقول له : تقضيني أو تزيدني ؟ فإن كان عنده شيء يقضيه قضى ، وإلا حوّله إلى السنّ التي فوق ذلك ، إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية ، ثم حقة ، ثم جذعة ثم رباعيا ، ثم هكذا إلى فوق . وفي العين يأتيه ، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل ، فإن لم يكن عنده أضعفه أيضا ، فتكون مائة فيجعلها إلى قابل مائتين ، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة ، يضعفها له كل سنة ، أو يقضيه . قال : فهذا قوله : { لا تأكُلُوا الرّبا أضْعَافا مُضَاعَفَةً } .
وأما قوله : { واتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ } فإنه يعني : واتقوا الله أيها المؤمنون في أمر الربا فلا تأكلوه ، وفي غيره مما أمركم به ، أو نهاكم عنه ، وأطيعوه فيه لعلكم تفلحون ، يقول : لتنجحوا فتنجوا من عقابه ، وتدركوا ما رغبكم فيه من ثوابه ، والخلود في جنانه . كما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ } : أي فأطيعوا الله لعلكم أن تنجوا مما حذّركم من عذابه ، وتدركوا ما رغبكم فيه من ثوابه .
{ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } لا تزيدوا زيادات مكررة ، ولعل التخصيص بحسب الواقع . إذ كان الرجل منهم يربي إلى أجل ثم يزيد فيه زيادة أخرى حتى يستغرق بالشيء الطفيف مال المديون . وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب " مضعفة " . { واتقوا الله } فيما نهيتم عنه . { لعلكم تفلحون } راجين الفلاح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.