اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (130)

قال بعضهم : إنه تعالى لما شرح عظيم نعمه على المؤمنين ، فيما يتعلق بإرشادهم إلى الأصلح في أمر الدين والجهاد ، اتبع ذلك بما يدخل في الأمر والنهي ، والترغيب والتحذير ، وعلى هذا التقدير ، فيكون ابتداء كلام ، لا تعلُّق له بما قبله .

وقال القفال : يُحتمل أن يكون متصلاً بما قبله من أن المشركين إنما أنفقوا على تلك العساكر أموالاً جمعوها بسبب الربا ، فلعل ذلك يصير داعياً للمسلمين على الإقدام على الربا ، فيجمعوا المالَ ، ويُنْفِقُوه على العساكر ، فيتمكنون من الانتقام منهم ، فنهاهم الله عن ذلك .

قوله : { أَضْعَافاً } جمع ضعف ، ولما كان جمع قلة - والمقصود : الكثرة - أتبعه بما يدل على الكثرة وهو الوصف بقوله : { مُّضَاعَفَةً } .

وقال أبو البقاء : { أَضْعَافاً } مصدر في موضع الحال من " الرِّبا " ، تقديره : مضاعفاً ، وتقدم الكلام على { أَضْعَافاً } ومفرده في البقرة .

وقرأ ابنُ كثير وابنُ عامر : " مضعَّفة " - مشددة العين ، دون ألف {[5917]} .

والباقون بالألف والتخفيف ، وتقدم الكلام على ذلك في البقرة .

فصل

لما كان الرجل في الجاهلية ، إذا كان له على إنسان مائة درهم إلى أجل ، ولم يكن المديون واجداً لذلك المال فقال : زدني في المال حَتَّى أزيدَك في الأجَلِ ، فربما جعله مائتين ، ثم إذا حَلَّ الأجَلُ الثاني ، فعل مثل ذلك ، ثم إلى آجالٍ كثيرةٍ ، فيأخذ بسبب تلك المائة أضعافها ، فهذا هو المراد بقوله : { أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً } .

قوله : { وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } فإن اتقاء الله واجب ، والفلاح يقف عليه ، وهذا يدل على أن الربا من الكبائر ، وقد تقدم الكلام على الربا في " البقرة " .


[5917]:ينظر: السبعة 184، والعنوان 80، وإتحاف 1/687، والدر المصون 2/210.