معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

قوله تعالى : { قال فالحق والحق أقول } قرأ عاصم و حمزة و يعقوب : { فالحق } برفع القاف على الابتداء ، وخبره محذوف تقديره : الحق مني ، ونصب الثانية أي : وأنا أقول الحق ، قاله مجاهد ، وقرأ الآخرون بنصبهما ، واختلفوا في وجههما ، قيل : نصب الأولى على الإغراء كأنه قال : الزم الحق ، والثاني بإيقاع القول عليه أي : أقول الحق . وقيل : الأول قسم ، أي ، فبالحق وهو الله عز وجل ، فانتصب بنزع الخافض ، وهو حرف الصفة ، وانتصاب الثاني بإيقاع القول عليه . وقيل : الثاني تكرار القسم ، أقسم الله بنفسه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

قوله : { فالحق } مبتدأ محذوف الخبر أى : فالحق قسمى لأملأن . . وقوله : { والحق أَقُولُ } لفظ الحق منصوب هنا على أنه مفعول لأقول ، قدم عليه لإِفادة الحصر .

والجملة من الفاعل والمفعول معترضة بين القسم والقسم عليه لتقرير مضمون الجملة القسمية . أى : قال الله - تعالى - فى رده على إبليس : فالحق قسمى ويمينى - ولا أقول إلا الحق - لأملأن جهنم من جنسك يا إبليس ، وممن تبعك من الناس جميعا ، لأن هذا جزاء من عصانى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

والقائل : { فالحق } هو الله تعالى قال مجاهد : المعنى فالحق أنا .

وقرأ جمهور القراء : «فالحقَّ والحقَّ » بنصب الاثنين ، فأما الثاني فمنصوب ب { أقول } ، وأما الأول فيحتمل أن ينتصب على الإغراء ، ويحتمل أن ينتصب على القسم على إسقاط حرف القسم ، كأنه قال : فوالحق ، ثم حذف الحرف كما تقول : الله لأفعلن ، تريد : والله ، ويقوي ذلك قوله : { لأملأن } ، وقد قال سيبويه : قلت للخليل ما معنى لأفعلن إذا جاءت مبتدأة : قال هي بتقدير قسم منوي : وقالت فرقة : «الحق » الأول منصوب بفعل مضمر . وقال ابن عباس ومجاهد : «فالحقُّ والحقُّ » برفع الاثنين ، فأما الأول فرفع بالابتداء وخبره في قوله : { لأملأن } ، لأن المعنى : أن أملأ ، وأما الثاني فيرتفع على ابتداء أيضاً . وقرأ عاصم وحمزة : «فالحقُّ » بالرفع «والحقَّ » بالنصب ، وهي قراءة مجاهد والأعمش وأبان بن تغلب وإعراب هذه بين . وقرأ الحسن : «فالحقِّ والحقِّ » بخفض القاف فيهما على القسم ، وذكرها أبو عمرو الداني .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

أي قال الله تعالى تفريعاً ، وهذا التفريع نظير التفريع في قوله : { فبعزَّتِكَ لأُغوينهم أجمعينَ } [ ص : 82 ] .

وقوبل تأكيد عزمه الذي دل عليه قولُه { فبعزتك } [ ص : 82 ] بتأكيدٍ مثله ، وهو لفظ { الحقَّ } الدال على أن ما بعده حق ثابت لا يتخلف ، ولم يزد في تأكيد الخبر على لفظ { الحق } تذكيراً بأن وعد الله تعالى حق لا يحتاج إلى قَسَم عليه ترفعاً من جلال الله عن أن يقابل كلام الشيطان بقَسَم مثله . ولذلك زاد هذا المعنى تقريراً بالجملة المعترضة وهي { والحقّ أقول } الذي هو بمعنى : لا أقول إلا الحق ، ولا حاجة إلى القَسَم .

وقرأ الجمهور : { فالحقّ } بالنصب وانتصابه على المفعولية المطلقة بدلاً عن فعل من لفظه محذوففٍ تقديره : أُحقّ ، أي أُوْجب وأحقّق . وأصله التنكير ، فتعريفه باللام تعريف الجنس كالتعريف في : أرسلَها العِراك ، فهو في حكم النكرة وإنما تعريفه حِلية لفظية إشارة إلى ما يعرفه السامع من أن الحق ما هو وتقدم بيانه في أول الفاتحة .

وقرأه عاصم وحمزة بالرفع على أنه لمَّا تعرف باللام غلبت عليه الاسمية فتنوسي كونه نائباً عن الفعل . وهذا الرفع إما على الابتداء ، أي فالحق قولي ، أو فالحق لأملأنّ جهنم الخ ، على أن تكون جملة القَسَم قائمة مقام الخبر ، وإمّا على الخبرية ، أي فقولي الحقّ وتكون جملة { لأملأنَّ جهنَّمَ } مُفسر القول المحذوف ، ولا خلاف في نصب الحق من قوله : { والحق أقول . } وتقدم تفصيل ذلك في أول سورة الفاتحة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (قالَ فالحَقّ والحَقّ أقُولُ): فقرأه بعض أهل الحجاز وعامة الكوفيين برفع الحقّ الأوّل، ونصب الثاني. وفي رفع الحقّ الأوّل إذا قُرئ كذلك وجهان: أحدهما رفعه بضمير لله الحقّ، أو أنا الحقّ وأقول الحقّ. والثاني: أن يكون مرفوعا بتأويل قوله:"لأمَلأَنّ" فيكون معنى الكلام حينئذٍ: فالحقّ أن أملأ جهنم منك...

وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين والكوفيين بنصب الحقّ الأوّل والثاني كليهما، بمعنى: حقا لأملأن جهنم والحقّ أقول...

وقد يحتمل أن يكون نصبه على وجه الإغراء بمعنى: الزموا الحقّ واتبعوا الحقّ، والأوّل أشبه؛ لأنه خطاب من الله لإبليس بما هو فاعل به وبتُبّاعه.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب لصحة معنييهما، وأما الحقّ الثاني، فلا اختلاف في نصبه بين قرّاء الأمصار كلهم، بمعنى: وأقول الحقّ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... والحق أقول: اعتراض بين المقسم به والمقسم عليه، ومعناه: ولا أقول إلاّ الحق. والمراد بالحق: إمّا اسمه عزّ وعلا الذي في قوله: {أَنَّ الله هُوَ الحق المبين} [النور: 25] أو الحق الذي هو نقيض الباطل: عظمه الله بإقسامه به... أي: فالحق قسمي لأملأنّ. والحق أقول...أي: ولا أقول إلاّ الحق على حكاية لفظ المقسم به. ومعناه: التوكيد والتشديد...

فإن قلت: {أَجْمَعِينَ} تأكيد لماذا؟ قلت: لا يخلو أن يؤكد به الضمير في منهم، أو الكاف في منك مع من تبعك. ومعناه: لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين أجمعين، لا أترك منهم أحداً. أو لأملأنها من الشياطين وممن تبعهم من جميع الناس، لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس بعد وجود الأتباع منهم من أولاد الأنبياء وغيرهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما حصل التشوف إلى جوابه، دل عليه بقوله: {قال فالحق} أي فبسبب إغوائك وغوايتهم أقول الحق {والحق} أي لا غيره أبداً.

{أقول} أي لا أقول إلا الحق، فإن كل شيء قلته ثبت، فلم يقدر أحد على نقضه ولا نقصه...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فهو الحق الذي تتعدد مواضعه وصوره، وتتحد طبيعته وكنهه. ومنه هذا الوعد الصادق: (لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين).. وهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم، يخوضونها على علم. والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين. وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان. وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين. فأرسل إليهم المنذرين...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وقوبل تأكيد عزمه الذي دل عليه قولُه {فبعزتك} بتأكيدٍ مثله، وهو لفظ {الحقَّ} الدال على أن ما بعده حق ثابت لا يتخلف، ولم يزد في تأكيد الخبر على لفظ {الحق} تذكيراً بأن وعد الله تعالى حق لا يحتاج إلى قَسَم عليه، ترفعاً من جلال الله عن أن يقابل كلام الشيطان بقَسَم مثله، ولذلك زاد هذا المعنى تقريراً بالجملة المعترضة وهي {والحقّ أقول} الذي هو بمعنى: لا أقول إلا الحق، ولا حاجة إلى القَسَم...