قوله تعالى :{ فإذا ركبوا في الفلك } وخافوا الغرق ، { دعوا الله مخلصين له الدين } وتركوا الأصنام ، { فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون } هذا إخبار عن عنادهم وأنهم عند الشدائد يقرون أن القادر على كشفها هو الله عز وجل وحده ، فإذا زالت عادوا إلى كفرهم . قال عكرمة : كان أهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام فإذا اشتدت بهم الريح ألقوها في البحر وقالوا يا رب .
ثم بين - سبحانه - حالهم عندما يحيط بهم البلاء فقال - تعالى - : { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين . . } أى : أن من صفات هؤءلا الجاحدين ، أنهم إذا ركبوا السفن ، وجرت بهم بريح طيبة وفرحوا بهان ثم جاءتهم بعد ذلك ريح عاصف ، وظنوا ان الغرق قد اقترب منهم ، تضرعوا إلى الله - تعالى - مخلصين له العبادة والدعاء .
{ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر } بفضله وكرمه ، وأنقذهم من الغرب المحقق { وَلِيَتَمَتَّعُواْ } مع الله - تعالى - غيره فى العبادة والطاعة .
ثم أخبر تعالى عن المشركين أنهم عند الاضطرار يدعونه وحده لا شريك له ، فهلا يكون هذا منهم دائما ، { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } كقوله { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ{[22692]} إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } [ الإسراء : : 67 ] . وقال هاهنا : { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } .
وقد ذكر محمد بن إسحاق ، عن عكرمة بن أبي جهل : أنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ذهب فارًّا منها ، فلما ركب في البحر ليذهب إلى الحبشة ، اضطربت بهم السفينة ، فقال أهلها : يا قوم ، أخلصوا لربكم الدعاء ، فإنه لا ينجي هاهنا إلا هو . فقال عكرمة : والله إن كان لا ينجي في البحر غيره ، فإنه لا يُنَجّي غيره في البر أيضا ، اللهم لك عليَّ عهد لئن خرجتُ لأذهبن فلأضعَنّ يدي في يد محمد فلأجدنه رؤوفًا رحيما ، وكان{[22693]} كذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.