روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ} (65)

{ فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الفلك } متصل بما دل عليه شرح حالهم ، والركوب الاستعلاء على الشيء المتحرك وهو متعد بنفسه كما في { لِتَرْكَبُوهَا } واستعماله ههنا وفي أمثاله نفي للإيذان بأن المركوب في نفسه من قبيل الأمكنة وحركته قسرية غير إرادية ، والفاء للتعقب وفي الكلام معنى الغاية فكأنه قيل : هم مصروفون عن توحيد الله تعالى مع إقرارهم بما يقتضيه لاهون بما هو سريع الزوال ذاهلون عن الحياة الأبدية حتى إذا ركبوا في الفلك ولقوا الشدائد { دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } أي كائنين في صورة من أخلص دينه وملته أو طاعته من المؤمنين حيث لا يذكرون إلا الله تعالى ولا يدعون سواه سبحانه لعلمهم بأنه لا يكشف الشدائد إلا هو عز وجل ، وفيه تهكم به سواء أريد بالدين الملة أو الطاعة أما على الأول فظاهر ، وأما على الثاني فلأنهم لا يستمرون على هذه الحال فهي قبيحة باعتبار المآل { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } أي فاجؤوا المعاودة إلى الشرك ولم يتأخروا عنها .