إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ} (65)

{ فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك } متَّصلٌ بما دلَّ عليه شرحُ حالِهم ، والرُّكوب هو الاستعلاءُ على الشيءِ المتحرِّكِ وهو متعدَ بنفسِه كما في قولِه تعالى : { والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا } [ سورة النحل ، الآية8 ] واستعمالُه هاهنا وفي أمثالِه بكلمة في للإيذانِ بأنَّ المركوبَ في نفسِه من قبيلِ الأمكنةِ ، وحركتُه قسريةٌ غيرُ إراديةٍ كما مرَّ في سورةِ هُودٍ والمعنى أنَّهم على ما وُصفوا من الإشراكِ فإذا ركبُوا في البحرِ ولقُوا شدَّةً { دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } أي كائنينَ على صورةِ المُخلصين لدينِهم من المؤمنينَ حيثُ لا يدعُون غيرَ الله تعالى لعلمِهم بأنَّه لا يكشفُ الشَّدائدَ عنهم إلا هُو { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } أي فاجؤوا المعاودةَ إلى الشِّركِ