معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

قوله تعالى : { يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق } جزاءهم الواجب . وقيل : حسابهم العدل . { ويعلمون أن الله هو الحق المبين } يبين لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا . قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : وذلك أن عبد الله بن أبي كان يشك في الدين فيعلم يوم القيامة أن الله هو الحق المبين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

والمراد بالدين فى قوله – تعالى : { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ الله دِينَهُمُ الحق . . . } الجزاء الذى يستحقونه بسبب آثامهم . ويوفيهم : من التوفية بمعنى إعطاء الشىء كاملا ووافيا . وقوله : " يومئذ " ظرف ليوفيهم .

أى : فى هذا اليوم العظيم وهو القيامة . الذى تشهد فيه الجوارح على صاحبها ، يجازى الله - تعالى - هؤلاء الفاسقين الجزاء الحق العادل الذى يستحقونه بسبب رميهم النساء المحصنات الغافلات المؤمنات بالفاحشة .

" ويعلمون " علما لا مجال معه للشك أو الريب عندما يشاهدون العذاب " أن الله " - تعالى - هو الإله " الحق " فى ذاته وصفاته وأفعاله ، وأنه - عز وجل - هو " المبين " أى : المظهر لما أبطنته النفوس ، وخبأته الضمائر ، والقادر على مجازاة الذين أساءوا بما عملوا ، وعلى مجازاة الذين أحسنوا بالحسنى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ) . . ويجزيهم جزاءهم العدل ، ويؤدي لهم حسابهم الدقيق . ويومئذ يستيقنون مما كانوا يستريبون : ( ويعلمون أن الله هو الحق المبين ) . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

قوله : { يومئذٍ يوفيهم الله دينهم } استئناف بياني لأن ذكر شهادة الأعضاء يثير سؤالاً عن آثار تلك الشهادة فيجاب بأن أثرها أن يجازيهم الله على ما شهدت به أعضاؤهم عليهم . فدينهم جزاؤهم كما في قوله : { ملك يوم الدين } [ الفاتحة : 4 ] .

و { الحقَّ } نعت للدين ، أي الجزاء العادل الذي لا ظلم فيه فوصف بالمصدر للمبالغة .

وقوله : { ويعلمون أن الله هو الحق المبين } أي ينكشف للناس أن الله الحق . ووصف الله بأنه { الحق } وصف بالمصدر لإفادة تحقق اتصافه بالحق ، كقول الخنساء :

ترتع ما رتعت حتى إذا ادَّكرت *** فإنما هي إقبال وإدبار

وصفة الله بأنه { الحق } بمعنيين :

أولهما : بمعنى الثابت الحاق ، وذلك لأن وجوده واجب فذاته حق متحققة لم يسبق عليها عدم ولا انتفاء فلا يقبل إمكان العدم .

وعلى هذا المعنى في اسمه تعالى : { الحق } اقتصر الغزالي في « شرح الأسماء الحسنى » .

وثانيهما : معنى أنه ذو الحق ، أي العدل وهو الذي يناسب وقوع الوصف بعد قوله : { دينهم الحق } . وبه فسر صاحب « الكشاف » فيحتمل أنه أراد تفسير معنى الحق هنا ، أي وصف الله بالمصدر وليس مراده تفسيرَ الاسم . ويحتمل إرادة الإخبار عن الله بأنه صاحب هذا الاسم وهذا الذي درج عليه ابن برّجان الإشبيلي{[285]} في كتابه « شرح الأسماء الحسنى » والقرطبي في « التفسير » .

و { الحق } من أسماء الله الحسنى . ولما وصف بالمصدر زيد وصف المصدر ب { المبين } . والمبين : اسم فاعل من أبان الذي يستعمل متعدياً بمعنى أظهر على أصل معنى إفادة الهمزة التعدية ، ويستعمل بمعنى بان ، أي ظهر على اعتبار الهمزة زائدة ، فلك أن تجعله وصفاً ل { الحق } بمعنى العدل كما صرح به في « الكشاف » ، أي الحق الواضح . ولك أن تجعله وصفاً لله تعالى بمعنى أن الله مبيَّن وهاد . وإلى هذا نحا القرطبي وابن برَّجان ، فقد أثبتا في عداد أسمائه تعالى اسم { المبين } .

فإن كان وصف الله ب { الحق } بالمعنى المصدري فالحصر المستفاد من ضمير الفصل ادعائي لعدم الاعداد ب { الحق } الذي يصدر من غيره من الحاكمين لأنه وإن يصادف المحز فهو مع ذلك معرض للزوال وللتقصير وللخطأ فكأنه ليس بحق أو ليس بمبين . وإن كان الخبر عن الله بأنه { الحق } بالمعنى الاسمي لله تعالى فالحصر حقيقي إذ ليس اسم الحق مسمى به غير ذات الله تعالى ، فالمعنى : أن الله هو صاحب هذا الاسم كقوله تعالى : { هل تعلم له سميّاً } [ مريم : 65 ] . وعلى هذين الوجهين يجري الكلام في وصَفه تعالى ب { المبين } .

ومعنى كونهم يعلمون أن الله هو الحق المبين : أنهم يتحققون ذلك يومئذ بعلم قطعي لا يقبل الخفاء ولا التردد وإن كانوا عالمين ذلك من قبل لأن الكلام جار في موعظة المؤمنين ؛ ولكن نزل علمهم المحتاج للنظر والمعرض للخفاء والغفلة منزلة عدم العلم .

ويجوز أن يكون المراد ب { الذين يرمون المحصنات الغافلات } خصوص عبد الله بن أبي بن سلول ومن يتصل به من المنافقين المبطنين الكفر بله الإصرار على ذنب الإفك إذ لا توبة لهم فهم مستمرون على الإفك فيما بينهم لأنه زُين عند أنفسهم ، فلم يروموا الإقلاع عنه في بواطنهم مع علمهم بأنه اختلاق منهم ؛ لكنهم لخبث طواياهم يجعلون الشك الذي خالج أنفسهم بمنزلة اليقين فهم ملعونون عند الله في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم في الآخرة ويعلمون أن الله هو الحق المبين فيما كذبهم فيه من حديث الإفك وقد كانوا من قبل مبطنين الشرك مع الله فجاعلين الحق ثابتاً لأصنامهم ، فالقصر حيئنذ إضافي ، أي يعلمون أن الله وحده دون أصنامهم .

ويجوز أن يكون المراد ب { الذين يرمون المحصنات الغافلات } عبد الله بن أبي بن سلول وحده فعبر عنه بلفظ الجمع لقصد إخفاء اسمه تعريضاً به ، كما في قوله تعالى : { الذين قال لهم الناس } [ آل عمران : 173 ] وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله " .


[285]:- هو عبد السلام بن عبد الرحمن بن محمد بن برجان- بموحدة مفتوحة فراء مشددة مفتوحة فجيم مفتوحة فألف فنون- الإشبيلي المتوفى سنة 536. ألف « شرح الأسماء الحسنى» وجمع مائة وثلاثين اسما. وهو شرح على طريقة حكماء الصوفية. توجد منه نسخة وحيدة بتونس.