جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقّ وَيَعْلَمُونَ أَنّ اللّهَ هُوَ الْحَقّ الْمُبِينُ } .

يقول تعالى ذكره : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ألْسِنَتُهُمْ وأيْدِيهِمْ وأرْجُلُهُمْ بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يوفيهم الله حسابهم وجزاءهم الحقّ على أعمالهم . والدّين في هذا الموضع : الحساب والجزاء ، كما :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دينَهُمُ الحَقّ يقول : حسابهم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : الحَقّ فقرأته عامة قرّاء الأمصار : دِينَهُمُ الحَقّ نصبا على النعت للدين ، كأنه قال : يوفيهم الله أعمالهم حقّا . ثم أدخل في الحقّ الألف واللام ، فنصب بما نصب به الدين . وذُكر عن مجاهد أنه قرأ ذلك : «يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الحَقّ » برفع «الحقّ » على أنه من نعت الله .

حدثنا بذلك أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا يزيد ، عن جرير بن حازم ، عن حميد ، عن مجاهد ، أنه قرأها «الحقّ » بالرفع . قال جرير : وقرأتها في مصحف أُبيّ بن كعب يُوَفّيهِمُ اللّهُ الحَقّ دِينَهُمْ .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار ، وهو نصب «الحقّ » على إتباعه إعراب «الدين » لإجماع الحجة عليه .

وقوله : وَيَعْلَمُونَ أنّ اللّهَ هُوَ الحَقّ المُبِينُ يقول : ويعلمون يومئذٍ أن الله هو الحقّ الذي يبين لهم حقائق ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب ، ويزول حينئذٍ الشكّ فيه عن أهل النفاق الذين كانوا فيما كان يَعِدُهم في الدنيا يمترون .