معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰٓ أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَفۡۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡأٓمِنِينَ} (31)

قوله تعالى : { وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز } تتحرك ، { كأنها جان } وهي الحية الصغيرة من سرعة حركتها ، { ولى مدبراً } هارباً منها ، { ولم يعقب } لم يرجع ، فنودي : { يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰٓ أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَفۡۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡأٓمِنِينَ} (31)

قوله - سبحانه - : { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } معطوف على قوله { أَن ياموسى } فكلاها مفسر للنداء ، والفاء فى قوله { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ } فصيحة .

والمعنى : نودى أن يا موسى إنى أنا الله رب العالمين ، ونودى أن ألق عصاك ، فألقاها . { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ } أى تضطرب بسرعة { كَأَنَّهَا جَآنٌّ } أى : كأنها فى سرعة حركتها وشدة اضطرابها { جَآنٌّ } أى : ثعبان يدب بسرعة ويمرق فى خفة ولى مدبرا ولم يعقب . أى : ولى هاربا خوفا منها ، دون أن يفكر فى العودة إليها . ليتبين ماذا بها ، وليتأمل ما حدث لها .

يقال : عقب المقاتل إذا كر راجعا إلى خصمه ، بعد أن فر من أمامه .

وهنا جاءه النداء مرة أخرى ، فى قوله - تعالى - : { ياموسى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمنين } .

أى : يا موسى أقبل نحو المكان الذى كنت فيه ، ولا تخف مما رأيته ، إنك من عبادنا الآمنين عندنا ، المختارين لحمل رسالتنا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰٓ أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَفۡۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡأٓمِنِينَ} (31)

29

واستطرد النداء العلوي يلقي إلى عبده التكليف :

( وأن ألق عصاك ) . .

وألقى موسى عصاه إطاعة لأمر مولاه ؛ ولكن ماذا ? إنها لم تعد عصاه التي صاحبها طويلا ، والتي يعرفها معرفة اليقين . إنها حية تدب في سرعة ، وتتحرك في خفة ، وتتلوى كصغار الحيات وهي حية كبرى :

( فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ) . .

إنها المفاجأة التي لم يستعد لها ؛ مع الطبيعة الانفعالية ، التي تأخذها الوهلة الأولى . . ( ولى مدبرا ولم يعقب )ولم يفكر في العودة إليها ليتبين ماذا بها ؛ وليتأمل هذه العجيبة الضخمة . وهذه هي سمة الانفعاليين البارزة تتجلى في موعدها !

ثم يستمع إلى ربه الأعلى :

( يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ) . .

إن الخوف والأمن يتعاقبان سريعا على هذه النفس ، ويتعاورانها في مراحل حياتها جميعا . إنه جو هذه الحياة من بدئها إلى نهايتها ؛ وإن هذا الانفعال الدائم لمقصود في تلك النفس ، مقدر في هذه الحياة ، لأنه الصفحة المقابلة لتبلد بني إسرائيل ، ومرودهم على الاستكانة ذلك الأمد الطويل . وهو تدبير القدرة وتقديرها العميق الدقيق .

( أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ) . .

وكيف لا يأمن من تنقل يد القدرة خطاه ، ومن ترعاه عين الله ?

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰٓ أَقۡبِلۡ وَلَا تَخَفۡۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡأٓمِنِينَ} (31)

ثم أمره الله تعالى ، بإلقاء العصا ، فألقاها فانقلبت حية عظيمة ولها اضطراب «الجانّ » وهو صغير الحيات فجمعت هول الثعبان ونشاط الجانّ ، هذا قول بعضهم ، وقالت فرقة : بل «الجانّ » يعم الكبير والصغير وإنما شبه ب «الجان » جملة العصا لاضطرابها فقط ، وولى موسى عليه السلام فزعاً منها ، { ولم يعقب } ، معناه لم يرجع على عقبه ، من توليه فقال الله تعالى { يا موسى أقبل } فأقبل وقد آمن بتأمين الله إياه .