معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

قوله تعالى : { والأرض وضعها للأنام } للخلق الذين بثهم فيها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

ثم انتقلت السورة الكريمة ، إلى بيان جانب من مظاهر نعمة الأرضية فقال - تعالى - : { والأرض وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } .

والمراد بالأنام : الخلائق المختلفون فى ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم ، والذين يعيشون فى شتى أقطارها وفجاجها . . . وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه .

أى : والأرض " وضعها " أى : أوجدها موضوعة على هذا النظام البديع ، من أجل منفعة الناس جميعا ، لأن إيجادها على تلك الصورة الممهدة المفروشة . . جعلهم ينتفعون بما فيها من كنوز وخيرات ، ويتقلبون عليها من مكان إلى آخر . . . وصدق الله إذ يقول : { هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً . . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

ومن ثم يرتبط الحق في الأرض وفي حياة البشر ، ببناء الكون ونظامه . يرتبط بالسماء في مدلولها المعنوي حيث يتنزل منها وحي الله ونهجه . ومدلولها المنظور حيث تمثل ضخامة الكون وثباته بأمر الله وقدرته . . ويلتقي هذان المدلولان في الحس بإيقاعهما وظلالهما الموحية .

( والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام . والحب ذو العصف والريحان ) .

ونحن لطول استقرارنا على هذه الأرض ، وألفتنا لأوضاعها وظواهرها ، ولوضعنا نحن كذلك عليها . نحن لهذا كله لا نكاد نحس يد القدرة التي " وضعت " هذه الأرض للأنام . وجعلت استقرارنا عليها ممكنا وميسورا إلى الحد الذي لا نكاد نشعر به . ولا ننتبه إلى ضخامة معنى الاستقرار ، وعظمة نعمة الله علينا فيه إلا بين الحين والحين حين يثور بركان ، أو يمور زلزال ، فيؤرجح هذه الأرض المطمئنة من تحتنا ، فتضطرب وتمور . عندئذ نتذكر معنى الاستقرار الذي نستمتع به على هذه الأرض بنعمة الله .

والبشر خليقون أن يتذكروا هذه الحقيقة في كل لحظة ، لو أنهم ألقوا بالهم إلى أن أرضهم هذه التي يركنون إليها ، إن هي إلا هباءة سابحة في فضاء الله الوسيع . هباءة تسبح في هذا الفضاء المطلق . تسبح حول نفسها بسرعة نحو ألف ميل في الساعة . وتسبح - مع هذا - حول الشمس بسرعة ستين ألف ميل في الساعة . بينما هي والشمس والمجموعة الشمسية كلها تبعد بجملتها في هذا الفضاء بسرعة عشرين ألف ميل في الساعة متجهة في اتجاه واحد نحو برج الجبار في السماء !

أجل لو أنهم ألقوا بالهم إلى أنهم محمولون على هذه الهباءة السابحة التي تنهب الفضاء نهبا بهذه السرعة ، معلقة في أجوازه بغير شيء إلا قدرة الله . . لظلوا أبدا معلقي القلوب والأبصار ، واجفي الأرواح والأوصال ، لا يركنون إلا للواحد القهار الذي وضع الأرض للأنام ، وأقرهم عليها هذا الإقرار ! !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

وقوله : { وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأنَامِ } أي : كما رفع السماء وضع الأرض ومهدها ، وأرساها بالجبال الراسيات الشامخات ، لتستقر لما على وجهها من الأنام ، وهم : الخلائق المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم وألسنتهم ، في سائر أقطارها وأرجائها . قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد : الأنام : الخلق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ} (10)

عطف على { والسماء رفعها } [ الرحمن : 7 ] وهو مقابلُهُ في المزاوجة والوضع يقابل الرفع ، فحصل محسِّن الطباق مرتين ، ومعنى { وضعها } خفضها لهم ، أي جعلها تحت أقدامهم وجُنوبهم لتمكينهم من الانتفاع بها بجميع ما لهم فيها من منافع ومعالجات .

واللام في { للأنام } لَلأجْل . والأنام : اختلفت أقوال أهللِ اللغة والتفسير فيه ، فلم يذكره الجوهري ولا الراغب في « مفردات القرآن » ولا ابن الأثير في « النهاية » ولا أبو البقاء الكفوي في « الكليات » . وفسره الزمخشري بقوله : « الخلق وهو كل ما ظهر على وجه الأرض من دابة فيها روح » . وهذا مروي عن ابن عباس وجمععٍ من التابعين . وعن ابن عباس أيضاً : أنه الإِنسان فقط . وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه .

وسياق الآية يرجح أن المراد به الإنسان ، لأنه في مقام الامتنان والاعتناء بالبشر كقوله : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً } [ البقرة : 29 ] .

والظاهر أنه اسم غير مشتق وفيه لغات : أنام كسحاب ، وآنام كساباط ، وأنيم كأمير .