وقال سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال : أتبيعه ؟ قال : نعم أبيعه بنسطاس ، وكان عبد لأبي بكر ، صاحب عشرة آلاف دينار ، وغلمان وجوار ومواش ، وكان مشركاً حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله فأبى فأبغضه أبو بكر ، فلما قال له أمية أبيعه بغلامك نسطاس اغتنمه أبو بكر وباعه منه ، فقال المشركون : ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده . فأنزل الله :{ وما لأحد عنده من نعمة تجزى } يد يكافئه عليها .
وقوله - سبحانه - : { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى . إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى } بيان لبلوغه أسمى درجات الإِخلاص والنقاء .
أى : أن هذا الإِنسان الكامل فى تقاه لا يفعل ما يفعل من وجوه الخيرات ، من أجل المجازاة لغيره على نعمة سلفت من هذا الغير له ، وإنما يفعل ما يفعل من أجل شئ واحد ، وهو طلب رضا الله - تعالى - والظفر بثوابه ، والإِخلاص لعبادته - سبحانه - .
وقوله تعالى ( وما لأحد عنده ) الآية . . معناه : وليس إعطاؤه ليجزي نعما قد أنزلت إليه بل هو مبتدئ ابتغاء وجه الله تعالى .
وروي في سبب هذا أن قريشا قالوا -لما أعتق أبو بكر رضي الله عنه بلالا- : كانت لبلال يد عنده ، وذهب الطبري إلى أن المعنى : وليس يعطي ليثاب نعما يجزى بها يوما وينتظر ثوابها ، وحوم في هذا المعنى وحلق بتطويل غير مغن ، ويتجه المعنى الذي أراد بأيسر من قوله ، وذلك أن يكون التقدير : ( وما لأحد عنده ) إعطاء ليقع عليه من ذلك لأحد جزاء بعد ، بل هو لمجرد ثواب الله تعالى وجزائه .
وقوله : { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } الآية اتفق أهل التأويل على أن أول مقصود بهذه الصلة أبو بكر الصديق رضي الله عنه لمَّا أعتق بلالاً قال المشركون : ما فعل ذلك أبو بكر إلا ليد كانت لبلال عنده . وهو قول من بهتانهم ( يعللون به أنفسهم كراهية لأن يكون أبو بكر فعل ذلك محبة للمسلمين ) ، فأنزل الله تكذيبهم بقوله : { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } مراداً به بعض من شمله عموم { الذي يؤتي ماله يتزكى } ، وهذا شبيه بذكر بعض أفراد العام وهو لا يخصص للعموم ولكن هذه لما كانت حالة غير كثيرة في أسباب إيتاء المال تعين أن المراد بها حالة خاصة معروفة بخلاف نحو قوله : { وآتى المال على حبه ذوي القربى } [ البقرة : 177 ] ، وقوله : { إنما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً } [ الإنسان : 9 ] .
و { عنده } ظرف مكان وهو مستعمل هنا مجازاً في تمكن المعنى من المضاف إليه عنه كتمكن الكائن في المكان القريب ، قال الحارث بن حِلِّزَة :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.