معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

قوله تعالى :{ إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها } وعظوا بها ، { خروا سجداً } سقطوا على وجوههم ساجدين ، { وسبحوا بحمد ربهم } قيل : صلوا بأمر ربهم . وقيل : قالوا سبحان الله وبحمده ، { وهم لا يستكبرون } عن الإيمان والسجود له .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

ثم تترك السورة الكريمة هؤلاء المجرمين يذوقون العذاب ، وتنتقل إلى الحديث عن مشهد آخر ، عن مشهد يشرح النفوس ، ويبهج القلوب ، إنه مشهد المؤمنين الصادقين ، وما أعد الله - تعالى - من ثواب قال - تعالى - : { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا . . . بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

أى : { إِنَّمَا يُؤْمِنُ } ويصدق { بِآيَاتِنَا } الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا ، أصحاب النفوس النقية الصافية ، الذين إذ ذكروا بها ، أى : بهذه الآيات .

{ خَرُّواْ سُجَّداً } لله - تعالى - من غير تردد { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } أى : ونزهوه عن كل ما لا يليق به - عز وجل -

{ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } عن طاعته - سبحانه - ، وعن الانقياد لأمره ونهيه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

يسدل الستار على ذلك المشهد ليرفعه عن مشهد آخر ، في ظل آخر ، وفي جو آخر ، له عطر آخر تستروح له الأرواح وتخفق له القلوب . إنه مشهد المؤمنين . مشهدهم خاشعين مخبتين عابدين ، داعين إلى ربهم وقلوبهم راجفة من خشية الله ، طامعة راجية في فضل الله . وقد ذخر لهم ربهم من الجزاء ما لا يبلغ إلى تصوره خيال :

( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم ، وهم لا يستكبرون . تتجافى جنوبهم عن المضاجع ، يدعون ربهم خوفا وطمعا ، ومما رزقناهم ينفقون . فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ، جزاء بما كانوا يعملون ) . .

وهي صورة وضيئة للأرواح المؤمنة ، اللطيفة ، الشفيفة الحساسة المرتجفة من خشية الله وتقواه ، المتجهة إلى ربها بالطاعة المتطلعة إليه بالرجاء ، في غير ما استعلاء ولا استكبار . هذه الأرواح هي التي تؤمن بآيات الله ، وتتلقاها بالحس المتوفز والقلب المستيقظ والضمير المستنير .

هؤلاء إذا ذكروا بآيات ربهم ( خروا سجدا )تأثرا بما ذكروا به ، وتعظيما لله الذي ذكروا بآياته ، وشعورا بجلاله الذي يقابل بالسجود أول ما يقابل ، تعبيرا عن الإحساس الذي لا يعبر عنه إلا تمريغ الجباه بالتراب ( وسبحوا بحمد ربهم ) . مع حركة الجسد بالسجود . ( وهم لا يستكبرون ) . . فهي استجابة الطائع الخاشع المنيب الشاعر بجلال الله الكبير المتعال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

يقول تعالى : { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } أي : إنما يصدق بها { الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا } أي : استمعوا لها وأطاعوها قولا وفعلا { وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ } [ أي ]{[23082]} عن اتباعها والانقياد لها ، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة ، [ وقد ]{[23083]} قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [ غافر : 60 ] .


[23082]:- زيادة من ت، ف.
[23083]:- زيادة من ت.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

ثم أثنى عز وجل على القوم الذين يؤمنون بآياته ووصفهم بالصفة الحسنى بسجودهم عند التذكير وتسبيحهم وعدم استكبارهم بخلاف ما يصنع الكفر من الإعراض عند التذكير وقول الهجر وإظهار التكبر . وهذه السجدة من عزائم سجود القرآن ، وقال ابن عباس : السجود هنا بمعنى الركوع ، وقد روي عن ابن جريج ومجاهد أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من المنافقين كانوا إذا أقيمت الصلاة خرجوا من المسجد فكان الركوع يقصد من هذا ، ويلزم على هذا أن تكون الآية مدنية ، وأيضاً فمن مذهب ابن عباس أن القارىء للسجدة يركع واستدل بقوله { وخر راكعاً وأناب }{[9423]} [ ص : 24 ] .


[9423]:من الآية 24 من سورة ص.