تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا } يخرج قوله : { إنما يؤمن } أي يحقق الإيمان بالله ، وآياته الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا لله حقيقة .

ثم يحتمل { خرّوا سجدا } [ وجهين :

أحدهما( {[16399]} ) ] : حقيقة السجود عند تلاوة الآيات التي فيها ذكر السجود .

والثاني : يكون ذكر خرور الوجه والسجود كناية عن الخضوع لها والانقياد والاستسلام والقبول لها .

فأحدهما : على حقيقة السجود عند تذكير الآيات لهم والتلاوة عليهم . والثاني : على الكناية عن القبول لها والاستسلام . وإلا ليس من كل ذي مذهب من أهل الكفر من عبدة الأوثان وغيرهم إلا ويدعي الإيمان بالله وبآياته ، ويزعم أن الذي هو عليه ، هو الإيمان به والمؤتمر بأمره .

ألا ترى أنه كيف أخبر عنهم حين( {[16400]} ) قال : { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } ؟ [ الأعراف : 28 ] .

كانوا يدعون في جميع ما يعملون أن الله تعالى أمرهم بذلك وأنهم مؤمنون به ومؤتمرون بأمره . فأخبر أنه إنما يحقق( {[16401]} ) الإيمان بالله وبالآيات { الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا } لا أولئك الذين يدعون ذلك ، وليسوا هم كذلك .

وقوله تعالى : { وسبحوا بحمد ربهم } التسبيح هو تنزيه الرب وتبرئته من( {[16402]} ) جميع ما قالت الملاحدة فيه ونسبوه إليه مما لا يليق به . يقول : { وسبحوا بحمد ربهم } أي ذكروه بمحاسنه ومحامده ، وبرؤوه ، ونزهوه ، عن جميع ما وصفه أولئك ، ونسبوه إليه . هذا ، والله أعلم ، هو التسبيح بحمده .

وقوله تعالى : { وهم لا يستكبرون } لا أحد يخطر بباله أن يستكبر على الله أو على أمره . ولكن كانوا يستكبرون على رسله /421-ب/ لما [ لا ]( {[16403]} ) يرونهم أهلا لذلك ، أو أن يكونوا يستكبرون على [ ما ]( {[16404]} ) يدعون إليه ، ولا يجيبون لذلك .


[16399]:ساقطة من الأصل وم.
[16400]:في الأصل وم: حيث.
[16401]:في الأصل وم: يتحقق.
[16402]:في الأصل وم: له عن.
[16403]:من م، ساقطة من الأصل.
[16404]:من م، ساقطة من الأصل.