نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّمَا يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَسَبَّحُواْ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ۩} (15)

ولما كان قوله تعالى : { بل هم بلقاء ربهم كافرون } قد أشار إلى أن الحامل لهم على الكفر الكبر ، وذكر سبحانه أنه قسم الناس قسمين لأجل الدارين ، تشوفت النفس إلى ذكر علامة أهل الإيمان كما ذكرت علامة أهل الكفران ، فقال معرفاً أن المجرمين لا سبيل إلى إيمانهم{ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه }[ الأنعام : 28 ] : { إنما يؤمن بآياتنا } الدالة على عظمتنا { الذين إذا ذكروا بها } من أيّ مذكر كان ، في أيّ وقت كان ، قبل كشف الغطاء وبعده { خروا سجداً } أي بادروا إلى السجود مبادرة من كأنه سقط من غير قصد ، خضعاً لله من شدة تواضعهم وخشيتهم وإخباتهم له خضوعاً ثابتاً دائماً { وسبحوا } أي أوقعوا التنزيه عن كل شائبة نقص من ترك البعث المؤدي إلى تضييع الحكمة ومن غيره متلبسين{[54763]} { بحمد } {[54764]}ولفت الكلام إلى الصفة المقتضية لتنزيههم وحمدهم تنبيهاً لهم فقال{[54765]} : { ربهم } أي بإثباتهم له الإحاطة بصفات الكمال ، ولما تضمن هذا تواضعهم ، صرح به في قوله : { وهم لا يستكبرون } أي لا يجددون طلب الكبر عن شيء مما دعاهم إليه {[54766]}الهادي ولا يوجدونه{[54767]} خلقاً لهم راسخاً في ضمائرهم .


[54763]:في م ومد: ملتبسين.
[54764]:تأخر ما بين الرقمين في الأصل عن "في قوله"، والتريب من ظ وم ومد.
[54765]:تأخر ما بين الرقمين في الأصل عن "في قوله"، والتريب من ظ وم ومد.
[54766]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ادعا ولا يجددونه ـ كذا.
[54767]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ادعا ولا يجددونه ـ كذا.