معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

قوله تعالى : { قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العبادة* وقال الذين في النار } حين اشتد عليهم العذاب . { لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

وبعد أن يئس الكل من نصرة بعضهم لبعض ، اتجهوا جميعا نحو خزنة جهنم لعلهم يشفعون لهم عند ربهم ، ويحكى القرآن : ذلك فيقول : { وَقَالَ الذين فِي النار لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } وهم الملائكة المكلفون بتعذيب الكافرين .

قالوا لهم : { ادعوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ العذاب } أى : ادعوا ربكم أن يخفف عنا يوما واحدا من الأيام الكثيرة التى ينزل علينا العذاب فيها بدون انقطاع ، لعلنا فى هذا اليوم نستطيع أن نلتقط أنفاسنا التى مزقها العذاب الدائم .

وهنا يرد عليهم خزنة جهنم بقولهم : { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بالبينات }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

21

وحين أدرك هؤلاء وهؤلاء أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، اتجه هؤلاء وهؤلاء لخزنة جهنم في ذلة تعم الجميع ، وفي ضراعة تسوي هؤلاء بهؤلاء :

( وقال الذين في النار لخزنة جهنم : ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب ) . .

إنهم يستشفعون حراس جهنم ، ليدعوا ربهم . في رجاء يكشف عن شدة البلاء : ( ادعوا ربكم يخفف عنايوماً من العذاب ) . . يوماً . يوماً فقط . يوماً يلقطون فيه أنفاسهم ويستريحون . فيوم واحد يستحق الشفاعة واللهفة والدعاء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

{ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ } لما علموا أن الله ، سبحانه ، لا يستجيب منهم ولا يستمع لدعائهم ، بل قد قال : { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ } [ المؤمنون : 108 ] سألوا الخزنة - وهم كالبوابين{[25535]} لأهل النار - أن يدعوا لهم الله أن يخفف عن الكافرين ولو يوما واحدا من العذاب .


[25535]:- (2) في ت، أ: "كالسجانين".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

{ وقال الذين في النار لخزنة جهنم } أي لخزنتها ، ووضع { جهنم } موضع الضمير للتهويل أو لبيان محلهم فيها ، إذ يحتمل أن تكون { جهنم } أبعد دركاتها من قولهم : بئر جهنام بعيدة القعر . { ادعوا ربكم يخفف عنا يوما } قدر يوم . { من العذاب } شيئا من العذاب ، ويجوز أن يكون المفعول " يوم " بحذف المضاف و { من العذاب } بيانه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

لما لم يجدوا مساغاً للتخفيف من العذاب في جانب كُبرائهم ، وتنصَّلَ كبراؤُهم من ذلك أو اعترفوا بغلطهم وتوريطهم قومَهم وأنفسَهم تمَالأَ الجميع على محاولة طلب تخفيف العذاب بدعوة من خَزَنة جهنم ، فلذلك أسند القول إلى الذين في النار ، أي جميعهم من الضعفاء والذين استكبروا .

وخَزَنة : جمع خَازن ، وهو الحافظ لما في المكان من مال أو عروض . و { خزنة جهنم } هم الملائكة الموكَّلون بما تحويه من النار ووَقودها والمعذبين فيها وموكلون بتسيير ما تحتوي عليه دار العذاب وأهلها ولذلك يقال لهم : خزنة النار ، لأن الخزن لا يتعلق بالنار بل بما يحويها فليس قوله هنا : { جهنم } إظهاراً في مقام الإِضمار إذ لا يحسن إضافة خزنة إلى النار ولو تقدم لفظ جهنم لقال : لخزنتها ، كما في قوله في سورة [ الملك : 6 8 ] { وللذين كفروا بربهم عذاب ( جهنم ) وبئس المصير } إلى قوله : { سألهم خزنتها } فإن الضمير ل { جهنم } لا ل { النار } .

وفي « الكشاف » أنه من الإِظهار في مقام الإِضمار للتهويل بلفظ { جهنم } ، والمسلك الذي سلكناه أوضح .

وفي إضافة ( رب ) إلى ضمير المخاطبين ضرب من الإِغراء بالدعاء ، أي لأنكم أقرب إلى استجابته لكم . ولما ظنُّوهم أرجى للاستجابة سألوا التخفيف يوماً من أزمنة العذاب وهو أنفع لهم من تخفيف قوة النار الذي سألوه من مستكبريهم .

وجزم { يخفف } بعد الأمر بالدعاء ، ولعله بتقدير لام الأمر لكثرة الاستعمال ، ومن أهل العربية من يجعله جزماً في جواب الطلب لتحقيق التسبب . فيكون فيه إيذان بأن الذين في النار واثقون بأن خزنة جهنم إذا دعوا الله استجاب لهم . وهذا الجزم شائع بعد الأمر بالقول وما في معناه لهذه النكتة وحقه الرفع أو إظهار لام الأمر . وتقدم الكلام عليه عند قوله تعالى : { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } في سورة [ إبراهيم : 31 ] .

( وضمّن { يخفف } معنى ينقص فنصب { يوماً ، } أو هو على تقدير مضاف ، أي عذاب يوم ، أي مقدار يوم ، وانتصب { يوماً } على المفعول به ل { يخفف } .

واليومُ كناية عن القلة ، أي يخفف عنا ولو زمناً قليلاً . و { مِنَ العَذَابِ } بيان ل { يوماً } لأنه أريد به المقدار فاحتاج إلى البيان على نحو التمييز . ويجوز تعلقه ب { يخفف } .

وجوَابُ خزنة جهنم لهم بطريق الاستفهام التقريري المراد به : إظهارُ سوء صنيعهم بأنفسهم إذ لم يتبعوا الرسل حتى وقعوا في هذا العذاب ، وتنديمُهم على ما أضاعوه في حياتهم الدنيا من وسائل النجاة من العقاب . وهو كلام جامع يتضمن التوبيخ ، والتنديم ، والتحسير ، وبيان سبب تجنب الدعاء لهم ، وتذكيرهم بأن الرسل كانت تحذرهم من الخلود في العذاب .