فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

{ وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار( 47 )قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد( 48 )وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب( 49 )قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلل( 50 ) } .

لما جاء ذكر النار ولظاها وحرها ، حذر القرآن الكريم من حسراتها ، وتخاصم أهلها ، والاستغاثة بخزنتها وسجانيها وقُوّامها ، وإقناط الخزنة أن يخفف عنهم من سعيرها ؛ وذكر وقت محاجة أهل الجحيم ، وخذلان ولعنة بعضهم بعضا ، فيقول التابعون لأئمة الضلال الذين استكبروا عن الانقياد للرسل : اتبعناكم فيما دعوتمونا إليه ودللتمونا عليه فهل تتحملون عنا جزءا من العذاب ؟ ! و[ التبع ] يكون واحدا ويكون جمعا- فيقول الرؤساء للضعفاء نحن وأنتم في البلاء سواء ، فكيف نغني عنكم ؟ لو كان لنا حول لدفعنا عن أنفسنا ما نزل بنا ! إن الله قد قضى وفصل بين العباد ، وحكم في كل بنصيبه ، فلكل منّا ومنكم قدرا من الجزاء لا يفرّ منه ، ولا يتحمله غيره ؛ فيلوذ الأتباع والمتبوعون مستصرخين مستغيثين بملائكة النار مستشفعين : ادعوا ربكم يخفف عنا قدر يوم من العذاب الذي نتجرع . . فيقول الملائكة الخزنة : أولم يبعث الله إليكم في الدنيا رسلا ، وينزل مع كل رسول الحجة والبرهان والسلطان على ملاقاة الملك الديان ؟ وأنه بعدله لا يسوي بين المسلمين وأهل الطغيان ؟ ! قال المعذبون : بلى جاءنا رسل من ربنا ، وأنذرونا ما يكون من عاقبة أمرنا ! قال حراس جهنم : فادعوا إذن فإنا لن ندعوا لكم ، ومهما دعوتم فلن يستجاب دعاؤكم ، لأن الله لا يرضى عن الكافرين الضالين المضلين ، وإنما يتقبل من المتقين .