الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ يُخَفِّفۡ عَنَّا يَوۡمٗا مِّنَ ٱلۡعَذَابِ} (49)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وقال الذين في النار} فلما ذاق أهل النار شدة العذاب، قالوا: {لخزنة جهنم ادعوا ربكم} يعني سلوا لنا ربكم.

{يخفف عنا يوما} من أيام الدنيا إضمار {من العذاب}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وقال أهل جهنم لخزنتها وقوّامها، استغاثة بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء، ورجاء أن يجدوا من عندهم فرجا "ادْعُوا رَبّكُمْ "لَنا "يُخَفّفْ عَنّا يَوْما "واحدا، يعني قدر يوم واحد من أيام الدنيا طمِنَ العَذَابِ" الذي نحن فيه...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} كان فزع الكفرة أبدا إلى الخلق إذا نزل بهم البلاء في الدنيا إلا أن يضطرّوا، فعند ذلك يفزعون إلى الله تعالى.

فأما ما لم ييأسوا منهم فلا يفزعون إليه. فعلى ذلك يكون فزعهم في الآخرة إلى الخلق، وهو ما سألوا أهل الجنة من الماء. أخبر الله تعالى عنهم بقوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف: 50] فلما أيِسوا من عند ذلك فزعوا إلى مالك، وهو ما أخبره الله تعالى عنهم بقوله: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] سألوه الموت فلما أخبرهم أنهم ماكثون. فعند ذلك فزعوا إلى الخزنة، وقالوا: {ادعوا ربكم يخفّف عنا يوما من العذاب}...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

هذه أيضاً من أمارات الأجنبية، فهم يُدْخِلُونَ واسطةً بينهم وبين ربِّهم. ثم إن الله ينزع الرحمة عن قلوب الملائكة كي لا يستشفعوا لهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} في ذكر جهنم تهويلاً وتفظيعاً، ويحتمل أن جهنم هي أبعد النار قعراً من قولهم: بئر جهنام بعيدة القعر، وفيها أعتى الكفار وأطغاهم، فلعل الملائكة الموكلين بعذاب أولئك أجوب دعوة لزيادة قربهم من الله تعالى، فلهذا تعمدهم أهل النار بطلب الدعوة منهم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما دل على أنه لا يغني أحد عن أحد شيئاً، أخبر انهم لما رأوا بعدهم من الله وأنهم ليسوا بأهل لدعائه سبحانه، علقوا آمالهم بتوسط الملائكة، فأخبر عن ذلك منهم بقوله: {وقال الذين في النار} أي جميعاً الأتباع والمتبوعون.

{لخزنة} ووضع موضع الضمير قوله: {جهنم} للدلالة على أن سؤالهم لأهل الطبقة التي من شأنها وشأن خزنتها تجهم داخليها؛ ليدل على أنهم لسوء ما هم فيه لا يعقلون، فهم لا يضعون شيئاً في محله كما كانوا في الدنيا: {ادعوا ربكم} أي المحسن إليكم بأنكم لا تجدون ألماً من النار.

{يخفف عنه يوماً} أي مقداره {من العذاب} أي بعضه...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وحين أدرك هؤلاء وهؤلاء أن لا ملجأ من الله إلا إليه، اتجه هؤلاء وهؤلاء لخزنة جهنم في ذلة تعم الجميع، وفي ضراعة تسوي هؤلاء بهؤلاء: (وقال الذين في النار لخزنة جهنم: ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب).. إنهم يستشفعون حراس جهنم، ليدعوا ربهم. في رجاء يكشف عن شدة البلاء: (ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب).. يوماً. يوماً فقط. يوماً يلقطون فيه أنفاسهم ويستريحون. فيوم واحد يستحق الشفاعة واللهفة والدعاء...