ثم ختم - سبحانه - هذه الآية بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يرد عليهم بما يخرس ألسنتهم فقال : { قُلِ الله يُحْيِيكُمْ } أي : وأنتم في الدنيا { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } عند انقضاء آجالكم في الدنيا ، { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إلى يَوْمِ القيامة } بأن يعيدكم إلى الحياة مرة أخرى للحساب والجزاء ، وهذا اليوم وهو يوم القيامة آت { لاَ رَيْبَ فِيهِ } ولا شك في حدوثه .
{ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ } ذلك ، لاستيلاء الهوى والشيطان على قلوبهم ، ولو عقلوا لعلموا أن من أنشأ الإِنسان من العدم ، قادر على إعادته بعد موته من باب أولى .
( قل الله يحييكم ، ثم يميتكم ، ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ) . .
هذه هي المعجزة التي يريدون أن يشهدوها في آبائهم . ها هي ذي تقع أمام أعينهم . بعينها وبذاتها . والله هو الذي يحيي . ثم هو الذي يميت . فلا عجب إذن في أن يحيي الناس ويجمعهم إلى يوم القيامة ، ولا سبب يدعو إلى الريب في هذا الأمر ، الذي يشهدون نظائره فيما بين أيديهم :
قال الله تعالى : { قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ } أي : كما تشاهدون ذلك يخرجكم من العدم إلى الوجود ، { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } [ البقرة : 28 ] أي : الذي قدر على البداءة قادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى . . { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم 27 ] ، { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ } أي : إنما يجمعكم ليوم القيامة لا يعيدكم في الدنيا حتى تقولوا : { ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ } [ التغابن : 9 ] {[26346]} { لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ . لِيَوْمِ الْفَصْلِ } [ المرسلات : 12 ، 13 ] ، { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ } [ هود : 104 ] وقال هاهنا : { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ } أي : لا شك فيه ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } أي : فلهذا ينكرون المعاد ، ويستبعدون قيام الأجساد ، قال الله تعالى : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا } [ المعارج : 6 ، 7 ] أي : يرون وقوعه بعيدا ، والمؤمنون يرون ذلك سهلا قريبا .
{ قل الله يحييكم ثم يميتكم } على ما دلت عليه الحجج . { ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه } فإن من قدر على الابتداء قدر على الإعادة ، والحكمة اقتضت الجمع للمجازاة على ما قرر مرارا ، والوعد المصدق بالآيات دل على وقوعها ، وإذا كان كذلك أمكن الإتيان بآبائهم لكن الحكمة اقتضت أن يعادوه يوم الجمع للجزاء . { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } لقلة تفكرهم وقصور نظرهم على ما يحسونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.