معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (19)

قوله تعالى : { استحوذ } غلب واستولى ، { عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (19)

ثم بين - سبحانه - الأسباب التى جعلت المنافقين ينغمسون فى نفاقهم فقال : { استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ الله . . . } .

وقوله : { استحوذ } من الحوذ : وهو أن يتبع السائق حاذيى البعير ، أى : أدبار فخذه ثم يسوقه سوقا عنيفا ، لا يستطيع البعير الفكاك منه . . . والمراد به هنا : شدة الاستيلاء والغلبة . . . ومنه قول السيدة عائشة فى عمر - رضى الله عنهما - : " كان أحوذيا " أى : كان ضابطا للأمور ، ومستوليا عليها استيلاء تاما . . .

والمعنى : إن هؤلاء المنافقين قد استولى عليهم الشيطان استيلاء تاما ، بحيث صيرهم تابعين لوساوسه وتزيينه ، فهم طوع أمره ، ورهن إشارته ، فترتب على طاعتهم له أن أنساهم طاعة الله - تعالى - ، وحسابه ، وجزاءه ، فعاشوا حياتهم يتركون ما هو خير ، ويسرعون نحو ما هو شر . . . .

{ أولئك } الموصوفون بتلك الصفات القبيحة { حِزْبُ الشَّيْطَانِ } أى : جنوده وأتباعه ، { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ } خسارة لا تقاربها خسارة ، لأنهم آثروا العاجل على الآجل ، والفانى على الباقى ، والضللا على الهدى . . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (19)

ثم يكشف عن علة حالهم هذه . فقد استولى عليهم الشيطان كلية ( فأنساهم ذكر الله ) . . والقلب الذي ينسى ذكر الله يفسد ويتمحض للشر : ( أولئك حزب الشيطان ) . . الخالص للشيطان الذي يقف تحت لوائه ، ويعمل باسمه ، وينفذ غاياته . وهو الشر الخالص الذي ينتهي إلى الخسران الخالص : ( ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ) . .

وهي حملة شديدة عنيفة تناسب الشر والأذى والفتنة التي يدبرونها للمسلمين مع أعدائهم الماكرين . وتطمئن قلوب المسلمين . والله - سبحانه وتعالى - يتولى عنهم الحملة على أعدائهم المستورين !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (19)

ثم قال :{ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ } أي : استحوذ على قلوبهم الشيطان حتى أنساهم أن يذكروا الله عز وجل ، وكذلك يصنع بمن استحوذ عليه ؛ ولهذا قال أبو داود :

حدثنا أحمد ابن يونس ، حدثنا زائدة ، حدثنا السائب بن حُبَيش ، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعْمُري ، عن أبي الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من ثلاثة في قرية ولا بَدْو ، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية " . قال زائدة : قال السائب : يعني الصلاة في الجماعة{[28472]} .

ثم قال تعالى :{ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ } يعني : الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله . ثم قال تعالى :{ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } .


[28472]:- (3) سنن أبي داود برقم (547).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (19)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{استحوذ عليهم الشيطان} يقول غلب عليهم الشيطان {فأنساهم ذكر الله أولئك حزب} يعني شيعة {الشيطان ألا إن حزب} يعني شيعة {الشيطان هم الخاسرون}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره بقوله: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشّيْطانُ}: غلب عليهم الشيطان {فأنْساهُمْ ذِكْرَ اللّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشّيْطانِ} يعني جنده وأتباعه. {ألا إنّ حِزْبَ الشّيْطانِ هُمُ الخاسِرُونَ} يقول: ألا إن جند الشيطان وأتباعه هم الهالكون المغبونون في صَفْقَتِهِمْ.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{استحوذ عليهم الشيطان} فيه قولان:

أحدهما: قوي عليهم.

الثاني: أحاط بهم...

وفيه ثالث: أنه غلب واستولى عليهم في الدنيا.

{فأنساهم ذكر الله} يحتمل ذكر الله ها هنا وجهين:

أحدهما: أوامره في العمل بطاعته.

الثاني: زواجره في النهي عن معصيته.

ويحتمل ما أنساهم من ذكره وجهين: أحدهما: بالغفلة عنها. الثاني: بالشرك بها.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{استحوذ عَلَيْهِمُ} استولى عليهم... ملكهم {الشيطان} لطاعتهم له في كل ما يريده منهم، حتى جعلهم رعيته وحزبه، {فأنساهم} أن يذكروا الله أصلاً لا بقلوبهم ولا بألسنتهم. قال أبو عبيدة: حزب الشيطان جنده.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

أي جمعهم وضمهم. يقال: أحوذ الشيء أي جمعه وضم بعضه إلى بعض، وإذا جمعهم فقد غلبهم وقوي عليهم وأحاط بهم. والنسيان قد يكون بمعنى الغفلة، ويكون بمعنى الترك، والوجهان محتملان هنا. {أولئك حزب الشيطان} طائفته ورهطه، {ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} في بيعهم؛ لأنهم باعوا الجنة بجهنم، وباعوا الهدى بالضلالة.

جهود القرافي في التفسير 684 هـ :

أضاف العصاة إلى الشيطان ليهينهم بالإضافة إليه ويحقرهم (الفروق: 2/220).

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

علامة استحواذ الشيطان على العبد أن يشغله بعمارة ظاهره من المآكل والمشارب والملابس، ويشغل قلبه عن التفكر في آلاء الله ونعمائه والقيام بشكرها، ويشغل لسانه عن ذكر ربه بالكذب والغيبة والبهتان، ويشغل لبه عن التفكر والمراقبة بتدبير الدنيا وجمعها.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

عن أبي الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بَدْو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية". قال زائدة: قال السائب: يعني الصلاة في الجماعة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{استحوذ} أي طلب أن يغلب ويسوق ويسرع ويضرب الحوطة ويحث ويقهر ويستولي {عليهم الشيطان} مع أنه طريد ومحترق، ووجد منه جميع ذلك، ووصل منهم إلى ما يريده، وملكهم ملكاً لم يبق لهم معه اختيار فصاروا رعيته وأقطاعه، وصار هو محيطاً بهم من كل جهة...

{فأنساهم} أي فتسبب عن استحواذه عليهم أنه أنساهم {ذكر الله} أي الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى...

{أولئك} أي الذين أحلوا أنفسهم أبعد منزل {حزب الشيطان} أي أتباعه وجنده وجماعته وطائفته وأصحابه... {ألا} وأكد لظنهم الربح بما لهم في الدنيا من الكثرة وظهور التعاضد والاستدراج بالبسط والسعة فقال: {إن حزب الشيطان} أي الطريد المحترق {هم} أي خاصة {الخاسرون} أي العريقون في هذا الوصف لأنهم لم يظفروا بغير الطرد والاحتراق.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(فأنساهم ذكر الله).. والقلب الذي ينسى ذكر الله يفسد ويتمحض للشر: (أولئك حزب الشيطان).. الخالص للشيطان الذي يقف تحت لوائه، ويعمل باسمه، وينفذ غاياته. وهو الشر الخالص الذي ينتهي إلى الخسران الخالص: (ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون).. وهي حملة شديدة عنيفة تناسب الشر والأذى والفتنة التي يدبرونها للمسلمين مع أعدائهم الماكرين. وتطمئن قلوب المسلمين...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة {أولئك حزب الشيطان} نتيجة وفذلكة لقول: {استحوذ عليهم الشيطان} فإن الاستحواذ يقتضي أنه صيرهم من أتباعه. واسم الإِشارة لزيادة تمييزهم لئلا يتردد في أنهم حزب الشيطان...

.فكان مقتضى الظاهر أن يقال: فإن حزب الشيطان هم الخاسرون، ولذلك عُدل عن ذلك إلى حرف الاستفتاح تنبيهاً على أهمية مضمونها وأنه مما يحق العناية باستحضاره في الأذهان مبالغة في التحذير من الاندماج فيهم، والتلبس بمثل أحوالهم المذكورة آنفاً.وزيد هذا التحذير اهتماماً بتأكيد الخبر بحرف {إن} وبصيغة القصر، إذ لا يتردد أحد في أن حزب الشيطان خاسرون فإن ذلك من القضايا المسلمة بين البشر، فلذلك لم تكن هذه المؤكدات لرد الإِنكار لتحذير المسلمين أن تغرهم حبائل الشيطان وتروق في أنظارهم بزة المنافقين وتخدعهم أيمانهم الكاذبة. وإظهار كلمة {حزب الشيطان} دون ضميرهم لزيادة التصريح ولتكون الجملة صالحة للتمثل به مستقلة بدلالتها. وضمير الفصل أفاد القصر، وهو قصر ادعائي للمبالغة في مقدار خسرانهم وأنه لا خسران أشد منه فكأن كل خسران غيره عدم فيدعى أن وصف الخاسر مقصور عليهم. وحزب المرء: أنصاره وجنده ومن يواليهِ.