تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (19)

الآية 19 وقوله تعالى : { استحوذ عليهم الشيطان } قال ابن عباس رضي الله عنه : { استحوذ } [ أي غلبهم ]{[20852]} الشيطان . وقال مقاتل : أي أحاط بهم . وقال الزجاج والقتبي : أي استولى عليهم ؛ وذلك كله راجع إلى معنى واحد .

وفيه أن الشيطان قد تسلط عليهم حتى تغلّب عليهم بإجابتهم إلى ما دعاهم إليه من معاداة الله ورسوله والمؤمنين ، ولكن سلطانه على ما ذكر ، وهو قوله : { إنما سلطانه على الذين يتولونه } [ النحل : 100 ] فعليهم إذا عملوا بما أراد ، وأجابوه إلى ما دعا .

وقوله تعالى : { فأنساهم ذكر الله } يحتمل أي أنساهم عظمة الله أو نعم الله وإحسانه أو شكر نعمه .

وقوله تعالى : { أولئك حزب الشيطان } الحزب هو جمع الفرق ، تحزبوا أي تفرقوا ، فحزبه هو جنده كما قال أهل التأويل لأنهم يصيرون فرقا ، ثم يجتمعون ، فيكونون{[20853]} جندا له ، وجند الرجل ، ثم الذين يستعملهم في ما شاء من القتال وغيره ، ويصدرون{[20854]} لرأيه ، فعلى ذلك أولئك الكفرة ، هم جنده .

وقوله تعالى : { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } لأنه مناهم في الدنيا ، وأملهم تأميلا في ما اتبعوه ، فلم يصلوا / 558 – ب/ إلى شيء من ذلك . وفي الآخرة بقوله : أن لا بعث ، ولا جنة ، ولا نار ، فلهم فيها عذاب ، فخسروا الدارين جميعا .


[20852]:من م، في الأصل: عليهم.
[20853]:في الأصل و م: ويكون.
[20854]:في الأصل و م: ويصدون.