فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (19)

{ استحوذ عليهم الشيطان } أي غلب عليهم واستعلى واستولى ، قال المبرد : استحوذ على الشيء حواه وأحاط به ، وقيل : قوي عليهم ، وقيل : جمعهم ، يقال : أحوذ الشيء أي جمعه وضم بعضه إلى بعض ، والمعاني متقاربة لأنه إذا جمعهم فقد قوي عليهم وغلبهم ، واستعلى عليهم واستولى وأحاط بهم ، { فأنساهم ذكر الله } أي أوامره والعمل بطاعاته ، فلم يذكروا شيئا من ذلك وقيل : زواجره في النهي عن معاصيه ، وقيل : لم يذكروه بقلوبهم ولا بألسنتهم والإشارة بقوله :{ أولئك } إلى المذكورين الموصوفين بتلك الصفات ، { حزب الشيطان } أي جنوده وأتباعه ورهطه .

{ ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } أي الكاملون في الخسران ، حتى كأن خسران غيرهم بالنسبة إلى خسرانهم ليس بخسران ، لأنهم باعوا الجنة بالنار ، والهدى بالضلال وكذبوا على الله وعلى نبيه وحلفوا الأيمان الفاجرة في الدنيا والآخرة ، وفوتوا على أنفسهم النعيم المؤبد ، وعرضوها للعذاب المخلد .