معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

قوله تعالى : { قال } موسى { ذلك ما كنا نبغ } أي : نطلب { فارتدا على آثارهما قصصاً } أي : رجعا يقصان الأثر الذي جاء منه ، أي : يتبعانه ، فوجدا عبداً من عبادنا ، قيل : كان ملكاً من الملائكة ، والصحيح الذي جاء في التواريخ ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الخضر ، واسمه بليا بن ملكان ، قيل : كان من نسل بني إسرائيل . وقيل : كان من أبناء الملوك الذين تزهدوا في الدنيا . والخضر لقب له سمي بذلك لما : أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، ثنا أحمد بن يوسف السلمي ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن همام بن منبه قال : ثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما سمي خضراً لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء " . قال مجاهد : سمي خضراً لأنه إذا صلى اخضر ما حوله . وروينا : أن موسى رأى الخضر مسجى بثوب فسلم عليه فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قال : أنا موسى أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً . وفي رواية أخرى لقيه مسجى بثوب مستلقياً على قفاه بعض الثوب تحت رأسه وبعضه تحت رجليه . وفي رواية لقيه وهو يصلي . ويروى لقيه على طنفسة خضراء على كبد البحر ، فذلك قوله تعالى : { فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

وهنا يحكى القرآن ما يدل على أن موسى - عليه السلام - قد أدرك أنه تجاوز المكان الذى حدده له ربه - تعالى - للقاء العبد الصالح فقال : { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فارتدا على آثَارِهِمَا قَصَصاً } .

أى قال موسى لفتاه : ذلك الذى ذكرته لى من أمر نسيانك لخبر الحوت هو الذى كنا نبغيه ونطلبه ، فإن العبد الصالح الذى نريد لقاءه موجود فى ذلك المكان الذى فقدنا فيه الحوت .

{ فارتدا على آثَارِهِمَا قَصَصاً } أى : فرجعا من طريقهما الذى أتيا منه ، يتتبعان آثارهما لئلا يضلا عنه ، حتى انتهيا عائدين مرة أخرى إلى موضع الصخرة التى فقد الحوت عندها .

وقصصا : من القص بمعنى اتباع الأثر . يقال : قص فلان أثر فلان قصا وقصصا إذا تتبعه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

وأدرك موسى أنه جاوز الموعد الذي حدده ربه له للقاء عبده الصالح . وأنه هنالك عند الصخرة ثم عاد على أثره هو وفتاه فوجداه :

( قال : ذلك ما كنا نبغ . فارتدا على آثارهما قصصا ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

{ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ } أي : هذا الذي نطلب { فَارْتَدَّا } أي : رجعا { عَلَى آثَارِهِمَا } أي : طريقهما { قَصَصًا } أي : يقصان أثر مشيهما ، ويقفوان أثرهما .

/خ65

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلَىَ آثَارِهِمَا قَصَصاً * فَوَجَدَا عَبْداً مّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَعَلّمْنَاهُ مِن لّدُنّا عِلْماً } .

يقول تعالى ذكره : فقال موسى لفتاه ذلكَ يعني بذلك : نسيانك الحوت وما كُنّا نَبْغِ يقول : الذي كنا نلتمس ونطلب ، لأن موسى كان قيل له صاحبك الذي تريده حيث تنسى الحوت ، كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ذلكَ ما كُنّا نَبْغِ قال موسى : فذلك حين أخبرت أني واجد خضرا حيث يفوتني الحوت .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله ، إلا أنه قال : حيث يفارقني الحوت .

وقوله : فارْتَدّا على آثارِهِما قَصَصَا يقول : فرجعا في الطريق الذي كانا قطعاه ناكصين على أديارهما يقصان آثارهما التي كانا سلكاهما . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : قَصصا قال : اتبع موسى وفتاه أثر الحوت ، فشقا البحر راجعين .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : فارْتَدا على آثارِهِما قَصَصا قال : اتباع موسى وفتاه أثر الحوت بشقّ البحر ، وموسى وفتاه راجعان وموسى يعجب من أثر الحوت في البحر ، ودوراته التي غاب فيها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : رجعا عودهما على بدئهما فارْتَدّا عَلى آثارِهما قَصَصا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، عن أبّي بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ذلكَ ما كُنّا نَبْغِ فارْتَدّا عَلى آثارِهما قَصَصا : «أيْ يَقُصّان آثارَهما حتى انْتَهَيا إلى مَدْخَلِ الحُوتِ » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

{ قال ذلك } أي أمر الحوت . { ما كنا نبغِ } نطلب لأنه أمارة المطلوب . { فارتدّا على آثارهما } فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه . { قصصاً } يقصان قصصا أن يتبعان آثارهما ابتاعا ، أو مقتصين حتى أتيا الصخرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

وقوله تعالى : { قال ذلك } الآية ، المعنى قال موسى لفتاه أمر الحوت وفقده هو الذي كنا نطلب ، فإن الرجل الذي جئنا له ثم ، فرجعا يقصان أثرهما لئلا يخطئان طريقهما ، وقرأ الجمهور «نبغي » بثبوت الياء ، وقرأ عاصم وقوم «نبغ » دون ياء ، وكان الحسن يثبتها إذا وصل ويحذفها إذا وقف ، و «قص الأثر » اتباعه وتطلبه في موضع خفائه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

{ قال ذلك } الخ . . جواب عن كلامه ، ولذلك فصلت كما بيناه غير مرة .

والإشارة ب { ذلك } إلى ما تضمنه خبر الفتى من فقْد الحوت . ومعنى كونه المبتغى أنه وسيلة المبتغى . وإنما المبتغى هو لقاء العبد الصالح في المكان الذي يفقد فيه الحوت .

وكتب { نبغ } في المصحف بدون ياء في آخره ، فقيل : أراد الكاتبون مراعاة حالة الوقف ، لأن الأحسن في الوقف على ياء المنقوص أن يوقف بحذفها . وقيل : أرادوا التنبيه على أنها رويت محذوفة في هذه الآية . والعرب يميلون إلى التخفيف . فقرأ نافع ، وأبو عمرو ، والكسائي ، وأبو جعفر بحذف الياء في الوقف وإثباتها في الوصل ، وقرأ عاصم ، وحمزة ، وابن عامر بحذف الياء في الوصل والوقف . وقرأ ابن كثير ، ويعقوب بإثباتها في الحالين ، والنون نون المتكلم المشارك ، أي ما أبغيه أنا وأنت ، وكلاهما يبغي ملاقاة العبد الصالح .

والارتداد : مطاوع الرد كأن راداً رَدّهما . وإنما ردتهما إرادتهما ، أي رجعا على آثار سيرهما ، أي رجعا على طريقهما الذي أتيا منه .

والقصص : مصدر قص الأثر ، إذا توخى متابعته كيلا يخطئا الطريق الأول .