السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبۡغِۚ فَٱرۡتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصٗا} (64)

ولما قال فتاه ذلك كأنه قيل فما قال موسى عليه السلام حينئذٍ ؟ { قال } له { ذلك } أي : الأمر العظيم من فقد الحوت { ما كنا نبغ } أي : نريد من هذا الأمر المغيب عنا فإن اللّه تعالى جعله موعداً في لقاء الخضر ، وقرأ نافع وأبو عمرو والكسائي بإثبات الياء وصلا لا وقفاً وابن كثير يثبتها وصلاً ووقفاً والباقون بالحذف { فارتدّا على آثارهما } أي : فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه يقصانها { قصصاً } أي : يتبعان أثرهما إتباعاً أو مقتصين حتى يأتيا الصخرة ، قال البقاعي : يدل على أنّ الأرض كانت رملاً لا علم فيها فالظاهر واللّه أعلم أنه مجمع النيل والملح عند دمياط أو رشيد من بلاد مصر ويؤيده نقر العصفور في البحر الذي ركب في سفينته للتعدية كما في الحديث ، فإن الطير لا يشرب من الملح ومن المشهور في بلاد رشيد أنّ الأمر كان عندهم وأن عندهم سمكاً ذاهب الشق يقولون : إنه من نسل تلك السمكة واللّه أعلم انتهى . وتقدم عن قتادة أنه ملتقى بحر فارس والروم ، وقال محمد بن كعب طنجة ، وقال أبيّ بن كعب : إفريقية ، وقيل : البحران موسى والخضر لأنهما كانا بحري علم ، قال ابن عادل : وليس في اللفظ ما يدل على تعيين هذين البحرين فإن صح في الخبر الصحيح شيء فذاك وإلا فالأولى السكوت عنه انتهى . ثم استمرا يقصان حتى انتهيا إلى موضع فقد الحوت .