معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

قوله تعالى : { والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه } ، هذا في الكفار . { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } ، أي : يؤمنون ببعض الأنبياء ويكفرون ببعض . وقيل : يقطعون الرحم ، { ويفسدون في الأرض } ، أي : يعملون بالمعاصي ، { أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار } ، يعني : النار ، وقيل : سوء المنقلب لأن منقلب الناس دورهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

وبعد أن ذكر - سبحانه صفات هؤلاء الأوفياء ، وما أعد لهم من ثواب جزيل ، أتبع ذلك ببيان سوء عاقبة الناقضين لعهودهم ، القاطعين لما امر الله بوصله . المفسدين في الأرض فقال - تعالى - { والذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ }

ونقض العهد : إبطاله وعدم الوفاء به .

وقوله : { مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } زيادة في تشنيع النقض : أى : ينقضون عهد الله تعالى ولا يوفون به . من بعد أن أكدوا التزامهم به وقبولهم لهم .

وقوله : { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ } أى : ويقطعون كل ما أوجب الله - تعالى - وصله ، ويدخل فيه وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالاتباع والموالاة ، ووصل المؤمنين بالمعاونة ، والمحبة ، ووصل أولى الأرحام بالمودة والتعاطف ، فالجملة الكريمة بيان لحال هؤلاء الأشقياء بأنهم كانوا على الضد من أولئك الأوفياء الأخيار الذين كانوا يصلون ما أمر الله به أن يوصل .

وقوله : { وَيُفْسِدُونَ فِي الأرض } بيان لصفة ثالثة من صفاتهم القبيحة .

أى : أنهم كانوا يفسدون في الأرض عن طريق حربهم لدعوة الحق ، واعتدائهم على المؤمنين ، وغير ذلك من الأمور التي كانوا يقترفونها مع أن الله - تعالى - قد حرمها ونهى عنها .

وقوله - تعالى - : { أولئك لَهُمُ اللعنة وَلَهُمْ سواء الدار } إخبار عن العذاب الشديد الذي سيلقونه في آخرتهم . أى : أولئك الموصوفون بتلك الصفات الذميمة { لهم } من الله - تعالى - { اللعنة } والطرد من رحمته .

{ ولهم } فوق ذلك ، الدار السيئة وهى جهنم التي ليس فيها إلا ما يسوء الصائر إليها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

19

وعلى الضفة الأخرى أولئك الذين لا ألباب لهم فيتذكروا . ولا بصيرة لهم فيبصروا . وهم على النقيض في كل شيء مع أولي الألباب :

( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، ويفسدون في الأرض . أولئك لهم اللعنة ، ولهم سوء الدار ) . .

إنهم ينقضون عهد الله المأخوذ على الفطرة في صورة الناموس الأزلي ؛ وينقضون من بعده كل عهد ، فمتى نقض العهد الأول فكل عهد قائم عليه منقوض من الأساس . والذي لا يرعى الله لا يبقى على عهد ولا ميثاق . ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل على وجه العموم والإطلاق . ويفسدون في الأرض في مقابل صبر أولئك وإقامتهم للصلاة وإنفاقهم سرا وعلانية ودرء السيئة بالحسنة . فالإفساد في الأرض يقابل هذا كله ، وترك شيء من هذا كله إنما هو إفساد أو دافع إلى الإفساد .

( أولئك ) . . المبعدون المطرودون ( لهم اللعنة ) والطرد في مقابل التكريم هناك ( ولهم سوء الدار ) ولا حاجة إلى ذكرها ، فقد عرفت بمقابلها هناك !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُوْلََئِكَ لَهُمُ اللّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوَءُ الدّارِ } .

يقول تعالى ذكره : وَ أما الّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ ، ونقضهم ذلك : خلافُهم أمر الله ، وعملهم بمعصيته ، مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ يقول : من بعد ما وثقوا على أنفسهم لله أن يعملوا بما عهد إليهم ، وَيَقْطَعُونَ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ يقول : ويقطعون الرحم التي أمرهم الله بوصلها ، وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ فسادهم فيها : عملهم بمعاصي الله أُولَئِكَ لَهُمُ اللّعْنَةُ يقول : فهؤلاء لهم اللعنة ، وهي البُعد من رحمته والإقصاء من جنانه ، وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ يقول : ولهم ما يسوءهم في الدار الآخرة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، لأن الله يقول : { وَمَنْ يُشْرِكْ باللّهِ فَكأَنمَا خَرّ مِنَ السّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطّيْرُ } ، ونقض العهد وقطيعة الرحم ، لأن الله تعالى يقول : أُولَئِكَ لَهُمُ اللّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ يعني : سوء العاقبة .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، في قوله : وَيَقْطَعُونَ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ قال : بلغنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «إذَا لَمْ تَمْشِ إلى ذِي رَحِمِك بِرِجْلِكَ وَلَمْ تُعْطِهِ مِنْ مالِكَ فَقَدْ قَطَعْتَهُ » .

حدثني محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، عن مصعب بن سعد ، قال : سألت أبي عن هذه الآية : قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُمْ بالأَخْسَرِينَ أعْمالاً الّذِينَ ضَلّ سَعْيُهُمْ فِي الحَياةِ الدّنْيا أهم الحرورية ؟ قال : لا ، ولكن الحرورية الّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْد اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ . فكان سعد يسميهم الفاسقين .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، قال : سمعت مصعب بن سعد ، قال : كنت أمسك على سعد المصحف ، فأتى على هذه الآية ، ثم ذكر نحو حديث محمد بن جعفر .