معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَوۡ نَشَآءُ جَعَلۡنَٰهُ أُجَاجٗا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ} (70)

قوله تعالى : { أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا } قال ابن عباس : شديد الملوحة ، قال الحسن : مراً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَوۡ نَشَآءُ جَعَلۡنَٰهُ أُجَاجٗا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ} (70)

ثم ذكر - سبحانه - الدليل الثالث على إمكانية البعث ، وعلى كمال قدرته - تعالى - فقال : { أَفَرَأَيْتُمُ المآء الذي تَشْرَبُونَ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المزن أَمْ نَحْنُ المنزلون لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } .

أى : وأخبرونى - أيضا - عن الماء الذى تشربونه ، أأنتم الذين أنزلتموه من { المزن } أى : من السحاب أم نحن الذين أنزلناه ؟

لا شك أننا نحن الذين أنزلناه ، ولا تستطيعون إنكار ذلكن لأن إنكاركم لذلك يعتبر نوعا من المكابرة المكشوفة ، والمغالطة المفضوحة .

وتخصيص هذا الوصف ، وهو { الذي تَشْرَبُونَ } بالذكر ، مع كثرة منافع الماء ، لأن الشرب أهم المقاصد التى من أجلها أنزل - سبحانه - الماء من السحاب .

وقوله - سبحانه - : { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً . . } بيان لمظهر من مظاهر رحمته - سبحانه - .

ومفعولى المشيئة هنا وفى ما قبله إلى قوله { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً . . . } محذوف ، للاكتفاء عنه بجواب الشرط .

والماء الأجاج : هو الماء الشديد الملوحة والمرارة فى وقت واحد .

أى : لو نشاء أن نجعل هذا الماء النازل من المزن لشربكم ، ماء جامعا بين الملوحة والمرارة لفعلنا ، ولكنا لم نشأ ذلك رحمة بكم ، وفضلا منا عليكم .

وقوله : { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } حض على الشكر لله - تعالى - أى : فهلا شكرتم الله - تعالى - على هذه النعم ، وأخلصتم له العبادة والطاعة ووضعتم نعمه فى مواضعها .

فالمراد بالشكر هنا : أن يواظب العبد على شكر ربه ، وعلى المداومة على ما يرضيه وعلى استعمال النعم فيما خلقت له .

أما شكر الرب - عز وجل - لعبده فمعناه : منحه الثواب الجزيل ، على عمله الصالح : ومنه قوله - تعالى - : { وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ } قال بعض العلماء : واعلم أن مادة الشكر تتعدى إلى النعمة تارة ، وإلى النعم أخرى .

فإن عديت إلى النعمة ، تعدت إليها بنفسها دون حرف الجر ، كقوله - تعالى - : { رَبِّ أوزعني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ . . . } وإن عديت إلى المنعم تعدت إليه بحرف الجر الذى هو اللام ، كقوله - تعالى - : { واشكروا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ . . . } وقال - سبحانه - هنا : { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } وقال فى الآيات السابقة : { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً . . } بلام التأكيد ، لأن إنزال الماء من السماء وتحويله من ماء عذب إلى ماء ملح ، مما لا يتوهم أن لأحد قدرة عليه سوى الله - تعالى - لذا لم يحتج الأمر إلى تأكيد . . .

أما جفاف الزرع بعد نضارته ، حتى يعود حطاما ، فمما يحتمل أنه من فعل الزارع ، أو لأى سبب آخر ، كآفة زراعية ، لذا أكد - سبحانه - أنه هو الفاعل لذلك على الحقيقة ، وأنه - تعالى - قادر على تحطيمه بعد نموه وريعانه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَوۡ نَشَآءُ جَعَلۡنَٰهُ أُجَاجٗا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ} (70)

57

( لو نشاء جعلناه أجاجا ) . مالحا لا يستساغ ، ولا ينشئ حياة . فهلا يشكرون فضل الله الذي أجرى مشيئته بما كان ?

والمخاطبون ابتداء بهذا القرآن كان الماء النازل من السحائب ، في صورته المباشرة ، مادة حياتهم ، وموضع احتفالهم ، والحديث الذي يهز نفوسهم ، وقد خلدته قصائدهم وأشعارهم . . ولم تنقص قيمة الماء بتقدم الإنسان الحضاري ، بل لعلها تضاعفت . والذين يشتغلون بالعلم ويحاولون تفسير نشأة الماء الأولى أشد شعورا بقيمة هذا الحدث من سواهم . فهو مادة اهتمام للبدائي في الصحراء ، وللعالم المشتغل بالأبحاث سواء .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَوۡ نَشَآءُ جَعَلۡنَٰهُ أُجَاجٗا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ} (70)

وقوله : لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجا يقول تعالى ذكره : لو نشاء جعلنا ذلك الماء الذي أنزلناه لكم من المزن مِلحا ، وهو الأجاج ، والأجاج من الماء : ما اشتدّت ملوحته ، يقول : لو نشاء فعلنا ذلك به فلم تنتفعوا به في شرب ولا غرس . ولا غرس ولا زرع .

وقوله : فَلَوْلا تَشْكُرُونَ يقول تعالى ذكره : فهلا تشكرون ربكم على إعطائه ما أعطاكم من الماء العذب لشربكم ومنافعكم ، وصلاح معايشكم ، وتركه أن يجعله أُجاجا لا تنتفعون به .