فإن قلت : لم أدخلت اللام على جواب ( لو ) في قوله : { لَجَعَلْنَاهُ حطاما } [ الواقعة : 65 ] ونزعت منه ههنا ؟ قلت : إنّ «لو » لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط ، ولم تكن مخلصة للشرط كإن ولا عاملة مثلها ، وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقاً من حيث إفادتها في مضموني جملتيها أنّ الثاني امتنع لامتناع الأوّل افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علماً على هذا التعلق ، فزيدت هذه اللام لتكون علماً على ذلك ، فإذا حذفت بعد ما صارت علماً مشهوراً مكانه ، فلأن الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفاً ومأنوساً به : لم يبال بإسقاطه عن اللفظ ، استغناء بمعرفة السامع . ألا ترى إلى ما يحكى عن رؤبة أنه كان يقول : خير ، لمن قال له : كيف أصبحت ؟ فحذف الجار لعلم كل أحد بمكانه . وتساوي حالي حذفه وإثباته لشهرة أمره . وناهيك بقول أوس :
حَتى إذَا الْكلاَّبُ قَالَ لَهَا *** كَالْيَوْمِ مَطْلُوباً وَلاَ طَلَبَا
وحذفه «لم أر » فإذن حذفها اختصار لفظي وهي ثابتة في المعنى ، فاستوى الموضعان بلا فرق بينهما ؛ على أن تقدم ذكرها والمسافة قصيرة مغن عن ذكرها ثانية ونائب عنه . ويجوز أن يقال : إنّ هذه اللام مفيدة معنى التوكيد لا محالة ، فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب ، للدلالة على أن أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب ، وأن الوعيد بفقده أشد وأصعب ، من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعاً للمطعوم . ألا ترى أنك إنما تسقى ضيفك بعد أن تطعمه ، ولو عكست قعدت تحت قول أبي العلاء :
إذَا سُقِيَتْ ضُيُوفُ النَّاسِ مَحْضاً *** سَقَوْا أَضْيَافَهُمْ شَبَماً زَلاَلاَ
وسقى بعض العرب فقال : أنا لا أشرب إلا على ثميلة ؛ ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.