معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (51)

قوله تعالى : { أولم يكفهم } هذا الجواب لقولهم { لولا أنزل عليه آيات من ربه } قال : { أولم يكفهم } { أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم } يعني : أولم يكفهم من الآيات القرآن يتلى عليهم ، { إن في ذلك } في إنزال القرآن ، { لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون } أي : تذكيراً وعظة لمن آمن وعمل به .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (51)

وقوله - سبحانه - : { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ . . . } كلام مستأنف من جهته - تعالى - لتوبيخهم على جهالاتهم ، والاستفهام للإِنكار ، والواو للعطف على مقدر .

والمعنى : أقالوا ما قالوا من باطل وجهل ، ولم يكفهم أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب الناطق بالحق ، يتلى على مسامعهم صباح ومساء ، ويديهم إلى ما فيه سعادتهم ، لو تدبروه وآمنوا به ، واتبعوا أوامره ونواهيه ؟

والتعبير بقوله - سبحانه - : { يتلى عَلَيْهِمْ } ، يشير إلى أن هذه التلاوة متجددة عليهم ، وغير منقطعة عنهم ، وكان فى إمكانهم أن ينتفعوا بها لو كانوا يعقلون .

ولذا ختم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله : { إِنَّ فِي ذلك لَرَحْمَةً وذكرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } .

أى : إن فى ذلك الكتاب الذى أنزلناه عليك - أيها الرسول الكريم - ، والذى تتلوه عليهم صباح مساء ، لرحمة عظيمة ، وذكرى نافعة ، لقوم يؤمنون بالحق ، ويفتحون عقولهم للرشد ، لا للتعنت والجحود والعناد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (51)

46

وهؤلاء الذين يطلبون الخوارق يغفلون عن تقدير فضل الله عليهم بتنزيل هذا القرآن :

( أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ؛ إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون ) . .

وإنه للبطر بنعمة الله ورعايته التي تجل عن الشكر والتقدير . أو لم يكفهم أن يعيشوا مع السماء بهذا القرآن ? وهو يتنزل عليهم ، يحدثهم بما في نفوسهم ، ويكشف لهم عما حولهم ؛ ويشعرهم أن عين الله عليهم ، وأنه معني بهم حتى ليحدثهم بأمرهم ، ويقص عليهم القصص ويعلمهم . وهم هذا الخلق الصغير الضئيل التائه في ملكوت الله الكبير . وهم وأرضهم وشمسهم التي تدور عليها أرضهم . . ذرات تائهة في هذا الفضاء الهائل لا يمسكهن إلا الله . والله بعد ذلك يكرمهم حتى لينزل عليهم كلماته تتلى عليهم . ثم هم لا يكتفون !

( إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون ) . .

فالذين يؤمنون هم الذين يجدون مس هذه الرحمة في نفوسهم ، وهم الذين يتذكرون فضل الله وعظيم منته على البشرية بهذا التنزيل ؛ ويستشعرون كرمه وهو يدعوهم إلى حضرته وإلى مائدته وهو العلي الكبير . وهم الذين ينفعهم هذا القرآن ، لأنه يحيا في قلوبهم ، ويفتح لهم عن كنوزه ويمنحهم ذخائره ، ويشرق في أرواحهم بالمعرفة والنور .