البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَوَلَمۡ يَكۡفِهِمۡ أَنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحۡمَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (51)

وذكر يحيى بن جعدة أن ناساً من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بكتب قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود ، فلما نظر إليها ألقاها وقال : « كفر بها جماعة قوم أو ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم » ، فنزلت : { أو لم يكفهم } .

والذي يظهر أنه رد على الذين قالوا : { لولا أنزل عليه آية من ربه } : أي أو لم يكفهم آية مغنية عن سائر الآيات ، إن كانوا طالبين للحق ، غير متعنتين هذا القرآن الذي تدوم تلاوته عليهم في كل مكان وزمان ؟ فلا تزال معهم آية ثابتة لا تزول ولا تضمحل ، كما تزول كل آية بعد وجودها ، ويكون في مكان دون مكان .

إن في هذه الآية الموجودة في كل مكان وزمان لرحمة لنعمة عظيمة لا تنكر وتذكر .

وقيل : { أو لم يكفهم } : يعني اليهود ، { إنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم } بتحقيق ما في أيديهم من نعتك ونعت دينك .