قوله : «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ » هذا جواب لقولهم : { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ } قل : { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ } ، ففاعل «يكفهم » هو قوله : «أنا أنزلنا » والمعنى : إن كان إنزال الآيات شرطاً في الرسالة فلا يشترط إلا إنْزَالُ «آيةٍ » وقد أنزل القرآن ، وهو آية معجزة ظاهرة كافية . وقوله : «أولم يكفهم » عبارة تنبئ عن كون القرآن آية فوق الكفاية{[41590]} وبيانه أن القرآن أتم من كل معجزة لِوُجُوهٍ :
أحدها : أن تلك المعجزات وجدت وما دامت ، فإن قلب العصا ثُعْبَاناً ، وإحياء الميت لم يبق لنا منه{[41591]} أثر ، فلو أنكره واحد لم يمكن إثباتها معه بدون الكتاب ، وأما القرآن فهو باقٍ لو أنكره واحد فيقال له : فَأتِ بآيةٍ من مثله .
الثاني : أن قلب العصا ثعباناً كان في آن واحد ولم يره من لم يكن في ذلك المكان ، وأما القرآن فقد وصل إلى المشرق والمغرب وسمعه كل واحد ، وهنا لطيفة وهي أن آيات النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت أشياء لا تختص بمكان دونَ مكان ، لأن من جملتها انشقاق القمر وهو يعم الأرض لأن الخوف إذا وقع عم ، وذلك لأن نبوته كانت عامة لا تختص بقطر دون قطر . وغاص بحر{[41592]} «ساوَةَ » في قطر ، وسقط إيوان كسرى في قطر ( وانْهَدَّت ){[41593]} الكنيسة بالروم في قطر آخر إعلاماً بأنه يكون أمراً عاماً .
الثالث : أن غير هذه المعجزة يقول الكافر المعاند هذا سحر ( وعمل بدواء ){[41594]} والقرآن لا يمكن هذا القول فيه{[41595]} . ثم قال تعالى : { إِنَّ فِي ذلك لَرَحْمَةً } أي في إنزال القرآن { لَرَحْمَةً وذكرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي تذكير وعظمة لمن آمن وعمل به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.