معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعۡدَ ظُلۡمِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَا عَلَيۡهِم مِّن سَبِيلٍ} (41)

قوله تعالى : { ولمن انتصر بعد ظلمه } أي : بعد ظلم الظالم إياه ، { فأولئك } يعني المنتصرين ، { ما عليهم من سبيل } بعقوبة ومؤاخذة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعۡدَ ظُلۡمِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَا عَلَيۡهِم مِّن سَبِيلٍ} (41)

ثم أكد - سبحانه - ما سبق أن بينه من أن دفع بغى الباغى أمر محمود ، فقال تعالى { وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ فأولئك مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } .

واللام فى قوله { وَلَمَنِ انتصر } هى لام الابتداء ، وقوله { بَعْدَ ظُلْمِهِ } مصدر مضاف لمفعوله و " من " شرطية ، وجوابها { فأولئك مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } والمراد بالسبيل : المؤاخذة والحرج . .

أى : أن من انتصر لدينه وعرضه بعد ظلم الظالم له ، فأولئك الذين يفعلون ذلك ، لا يؤاخذون من أحد ، ولا يلامون من غيرهم ، لأنهم باشروا حقهم الذى شرعه الله - تعالى - لهم ، وهو مقابلة السيئة بمثلها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعۡدَ ظُلۡمِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَا عَلَيۡهِم مِّن سَبِيلٍ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلََئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ * إِنّمَا السّبِيلُ عَلَى الّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ أُوْلََئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : ولمن انتصر ممن ظلمه من بعد ظلمه إياه فَأُولَئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ يقول : فأولئك المنتصرون منهم لا سبيل للمنتصر منهم عليهم بعقوبة ولا أذى ، لأنهم انتصروا منهم بحقّ ، ومن أخذ حقه ممن وجب ذلك له عليه ، ولم يتعدّ ، لم يظلم ، فيكون عليه سبيل .

وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك ، فقال بعضهم : عني به كلّ منتصر ممن أساء إليه ، مسلما كان المسيء أو كافرا . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا معاذ ، قال : حدثنا ابن عون ، قال : كنت أسأل عن الانتصار وَلَمن انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ . . . الاَية ، فحدثني عليّ بن زيد بن جدعان ، عن أمّ محمد امرأة أبيه ، قال ابن عون : زعموا أنها كانت تدخل على أمّ المؤمنين قالت : قالت أمّ المؤمنين : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندنا زينب بنت جحش ، فجعل يصنع بيده شيئا ، ولم يفطن لها ، فقلت بيدي حتى فطّنته لها ، فأمسك ، وأقبلت زينب تقحم لعائشة ، فنهاها ، فأبت أن تنتهي ، فقال لعائشة : «سُبيها » فسبتها وغلبتها وانطلقت زينب فأتت عليا ، فقالت : إن عائشة تقع بكم وتفعل بكم ، فجاءت فاطمة ، فقال لها : «إنها حِبّة أبيك ورَبّ الكَعْبَة » ، فانصرفت وقالت لعليّ : إني قلت له كذا وكذا ، فقال كذا وكذا قال : وجاء عليّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فكلّمه في ذلك .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَمَنِ انْتَصَر بَعْدَ ظُلْمِهِ . . . الاَية ، قال : هذا في الخمش يكون بين الناس .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ قال : هذا فيما يكون بين الناس من القصاص ، فأما لو ظلمك رجل لم يحلّ لك أن تظلمه .

وقال آخرون : بل عُنِي به الانتصار من أهل الشرك ، وقال : هذا منسوخ . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَمَنِ انْتَصَر بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ قال : لمن انتصر بعد ظلمه من المؤمنين انتصر من المشركين وهذا قد نسخ ، وليس هذا في أهل الإسلام ، ولكن في أهل الإسلام الذي قال الله تبارك وتعالى : ادْفَعْ بالّتِي هِيَ أحْسَنُ ، فإذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كأنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ .

والصواب من القول أن يقال : إنه معنيّ به كلّ منتصر من ظالمه ، وأن الاَية محكمة غير منسوخة للعلة التي بينت في الاَية قبلها .