مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعۡدَ ظُلۡمِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَا عَلَيۡهِم مِّن سَبِيلٍ} (41)

ثم قال تعالى : { ولمن انتصر بعد ظلمه } أي ظالم الظالم إياه ، وهذا من باب إضافة المصدر إلى المفعول { فأولئك } يعني المنتصرين { ما عليهم من سبيل } كعقوبة ومؤاخذة لأنهم أتوا بما أبيح لهم من الانتصار واحتج الشافعي رضي الله تعالى عنه بهذه الآية في بيان أن سراية القود مهدرة ، فقال الشرع إما أن يقال إنه أذن له في القطع مطلقا أو بشرط أن لا يحصل منه السريان ، وهذا الثاني باطل لأن الأصل في القطع الحرمة ، فإذا كان تجويزه معلقا بشرط عدم السريان ، وكان هذا الشرط مجهولا وجب أن يبقى ذلك القطع على أصل الحرمة ، لأن الأصل فيها هو الحرمة ، والحل إنما يحصل معلقا على شرط مجهول وجب أن يبقى ذلك أصل الحرمة ، وحيث لم يكن كذلك علمنا أن الشرع أذن له في القطع كيف كان سواء سرى أو لم يسر ، وإذا كان كذلك وجب أن لا يكون ذلك السريان مضمونا لأنه قد انتصر من بعد ظلمه فوجب أن لا يحصل لأحد عليه سبيل .