معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

قوله تعالى : { إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } أي : رسول الله صلى الله عليه وسلم { وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئاً } إنما يضرون أنفسهم ، { وسيحبط أعمالهم } فلا يرون لها ثواباً في الآخرة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هم المطعمون يوم بدر ، نظيرها قوله عز وجل : { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله { ( الأنفال-36 ) الآية .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالدعوة إلى صلاح الأعمال ، وبتهديد الكافرين بالعذاب الشديد ، وبتبشير المؤمنين بالثواب الجزيل ، وبدعوتهم إلى الإِكثار من الإِنفاق فى سبيله . . فقال - تعالى - : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ . . . لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم } .

والمراد بالذين كفروا فى قوله : - تعالى - : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله } جميع الكافرين ، كمشركى قريش ، والمنافقين ، وأهل الكتاب .

أى : إن الذين كفروا بكل ما يجب الإِيمان به ، { وَصَدُّواْ } غيرهم عن الإِيمان بالحق . و " سبيل الله " الواضح المستقيم .

{ وَشَآقُّواْ الرسول } أى : عادوه وخالفوه وآذوه ، وأصل المشاقة : أن تصير فى شق وجانب ، وعدوك فى شق وجانب آخر ، والمراد بها هنا : العداوة والبغضاء .

وقوله : { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ } ذم وتجهيل لهم ، حيث حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعد أن ظهر لهم أنه على الحق ، وأنه صادق فيما يبلغه عن ربه .

وقوله : { لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ } بيان للآثار السيئة التى ترتبت التى على هذا الصدود والعداوة .

أى : هؤلاء الذين كفروا ، وصدوا غيرهم عن سبيل الله ، وحاروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء لن يضروا الله - تعالى - شيئا بسبب كفرهم وضلالهم ، وسيبطل - سبحانه - أعمالهم التى عملوها فى الدنيا ، وظنوها نافعة لهم ، كإطعام الطعام ، وصلة الأرحام .

لأن هذه الأعمال قد صدرت من نفس كافرة ولن يقبل - سبحانه - عملا من تلك النفوس ، كما قال - تعالى - : { وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } وكما قال - سبحانه - : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

وقوله : إنّ الّذِينَ كَفَرُوا وَصَدّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ يقول تعالى ذكره : إن الذين جحدوا توحيد الله ، وصدّوا الناس عن دينه الذي ابتعث به رسله وَشاقّوا الرّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيّنَ لَهُمُ الهُدَى يقول : وخالفوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فحاربوه وآذَوه من بعد ما علموا أنه نبيّ مبعوث ، ورسول مرسل ، وعرفوا الطريق الواضح بمعرفته ، وأنه لله رسول .

وقوله : لَنْ يَضُرّوا اللّهَ شَيْئا لأن الله بالغ أمره ، وناصر رسوله ، ومُظهره على من عاداه وخالفه وسَيُحْبِطُ أعمالَهُمْ يقول : وسيذهب أعمالهم التي عملوها في الدنيا فلا ينفعهم بها في الدنيا ولا الاَخرة ، ويبطلها إلا مما يضرّهم .