أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا} (26)

ومن الليل فاسجد له وبعض الليل فصل له تعالى ولعل المراد به صلاة المغرب والعشاء وتقديم الظرف لما في صلاة الليل من مزيد الكلفة والخلوص وسبحه ليلا طويلا وتهجد له طائفة طويلة من الليل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا} (26)

وقوله : { ومن الليل فاسجد له } إشارة إلى أن الليل وقت تفرغ من بث الدعوة كما تقدم في قوله : { قم الليل إلاّ قليلاً } إلي قوله : { علم أن لن تحصوه فتاب عليكم } الآية [ المزمل : 2 20 ] وهذا خاص بصلاة الليل فرضاً ونفلاً .

وقوله : { وسبّحْه } جملة معطوفة على جملة { من الليل فاسجد له } فتعين أن التسبيح التنفل .

والتسبيح : التنزيه بالقول وبالاعتقاد ، ويشمل الصلوات والأقوال الطيبة والتدبر في دلائل صفات الله وكمالاته ، وغلب إطلاق مادة التسبيح على الصلاة النافلة ، وقال تعالى : { وسبح بحمد ربك حين تقوم } [ الطور : 48 ] ، أي من الليل . وعن عبد الملك بن حبيب : و { سبحه } هنا صلاة التطوع في الليل ، وقوله { طويلاً } صفة { ليلاً } وحيث وصف الليل بالطول بعد الأمر بالتسبيح فيه ، عُلم أن { ليلاً } أريد به أزمان الليل لأنه مجموعُ الوقت المقابل للنهار ، لأنه لو أريد ذلك المقدارُ كلُّه لم يكن في وصفه بالطول جدوى ، فتعين أن وصف الطول تقييد للأمر بالتسبيح ، أي سبحه أكثرَ الليل ، فهو في معنى قوله تعالى : { قم الليل إلاّ قليلاً } إلى { أو زد عليه } [ الإنسان : 2 ، 4 ] أو يتنازعه كل من ( اسجد ) و { سبحه } .

وانتصب { ليلاً } على الظرفية ل { سبحه } .

وعن ابن عباس وابن زيد : أن هاتين الآيتين إشارة إلى الصلوات الخمس وأوقاتها بناء على أن الأصيل يطلق على وقت الظهر فيكون قوله : { وسبّحْه } إشارة إلى قيام الليل .

وهذه الآية جاءت على وفق قوله تعالى : { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين } [ الحجر : 97 ، 98 ] وقوله تعالى : { واذكر اسم ربك وتبتَّل إليه تبتيلاً رب المشرق والمغرب لا إله إلاّ هو فاتخذه وكيلاً واصبر على ما يقولون } [ المزمّل : 8 10 ] .