الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا} (26)

ثم قال : ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا )

قال ابن زيد : " كتم هذا- أول شيء- فريضة ، نحو قوله : ( قم الليل إلا قليلا ) ، نصفه أو انقص منه ، أو زد عليه . . . ) {[72630]} ، فخفف الله هذا عن رسوله وعن الناس بقوله : ( إن ربك يعلم أنك تقوم ) الآية {[72631]} ، فجعل ذلك نافلة فقال : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) {[72632]} وتقدير الكلام : واسجد له من الليل وسبحه ليلا طويلا ، فهو منسوخ بزوال فرض صلاة الليل كما ذكرنا {[72633]} وقيل : هو ( على ) {[72634]} الندب {[72635]} .

وقيل : هو خصوص للنبي صلى الله عليه وسلم {[72636]} .

( وقد ) {[72637]} قال ابن حبيب {[72638]} : إن قوله تعالى ( واذكر اسم ربك بكرة ) {[72639]} يعني الصبح . وقوله : ( وأصيلا ) {[72640]} يعني : الظهر والعصر . وقوله : ( ومن الليل فاسجد له ) يعني به المغرب والعشاء {[72641]} . فالآية {[72642]} محكمة جمعت الأمر بفرض الصلوات {[72643]} الخمس .

- وقوله : ( وسبحه ليلا طويلا ) . يعني الليل والمنسوخ فرضه . وكذلك {[72644]} قوله تعالى : ( وأقم الصلاة طرفي النهار ) {[72645]} فالطرف {[72646]} الأول صلاة الصبح ، والطرف الآخر [ صلاة ] {[72647]} الظهر والعصر .

- وقوله : ( وزلفا {[72648]} من الليل ) يعني المغرب والعشاء فهذه [ الآية ] {[72649]} أيضا جمعت فرض الصلوات {[72650]} الخمس وأوقاتها {[72651]} .

ومثل ذلك : ( اقم الصلاة لدلوك الشمس ) {[72652]} يعني : ميلها {[72653]} . وهو الظهر {[72654]} والعصر .

وقوله : ( إلى غسق {[72655]} الليل ) : ( يعني المغرب والعشاء {[72656]} .

- وقوله : ( وقرءان الفجر ) يعني صلاة الصبح ، فهذه أيضا جمعت ) {[72657]} فرض الصلوات الخمس وأوقاتها .

وكذلك قوله تعالى : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ) {[72658]} يعني : صلاة الصبح ( وقبل غروبها ) يعني : العصر .

- وقوله : ( ومن- [ اناء ] {[72659]} الليل ] فسبح ] {[72660]} يعني : المغرب والعشاء .

- وقوله : ( وأطراف النهار ) يعني : الظهر ؛ لأن {[72661]} وقتها [ يجمع ] {[72662]} طرفي النهار .

- وأما قوله : ( وسبح ) {[72663]} و ( بحمد ربك {[72664]} بالعشي والابكار ) {[72665]} ، فإن ذلك نزل قبل فرض الصلوات الخمس ، وكانت الصلاة ركعتين غدوة وركعتين عشية ، فرضا بهذه الآية ، ثم نسخ {[72666]} ذلك بالصلوات الخمس .

- وأول صلاة صليت من الصلوات الخمس : الظهر ، وبها بدأ جبريل ، ولذلك سميت الأولى .


[72630]:- المزمل: 2، 3، 4.
[72631]:- المزمل: 20.
[72632]:- ا. لإسراء: 79 وانظر جامع البيان 29/225 والناسخ لمكي: 444 ولم يعتبر ابن العربي –في ناسخه 2/409- في ذلك ناسخا ولا منسوخا.
[72633]:- انظر إعراب النحاس 5/107-8.
[72634]:- ساقط من ث.
[72635]:- حكاه النحاس في إعرابه 5/107-8 وانظر المحرر 16/193 وتفسير القرطبي 19/150.
[72636]:- حكاه النحاس في إعرابه 5/108 والقرطبي في تفسيره 19/150.
[72637]:- ساقط من ث.
[72638]:- أ: ابن حبايب. والذي في المتن هو عبد الملك بن حبيب أبو مروان الأندلسي كان رأسا في مذهب مالك، أديبا (ت: 239) انظر طبقات الحفاظ: 233.
[72639]:- م: ج، بكرة وأصيلا، وما في المتن هو الأنسب لما بعده.
[72640]:- في معاني الزجاج 5/263: "الأصيل: العشي: يقال: قد أصلنا إذا دخلوا في الأصيل، وهو العشي".
[72641]:- انظر المحرر 16/193 وتفسير القرطبي 19/150.
[72642]:- ث: فالآيات.
[72643]:- ث: الصلاة.
[72644]:- ث: وذلك.
[72645]:- هود: 114، قوله تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل، إن الحسنات يذهبن السّيئات: ذلك ذكرى للذاكرين}.
[72646]:- "طرف الشيء جانبه ويستعمل في الأجسام والأوقات وغيرهما". مفردات الراغب: (طرف) 312 وانظر معنى "الطرف" بالتسكين في ص: 323 من هذا التفسير عند الكلام عن قوله تعالى: {فإذا برق البصر} [القيامة:7].
[72647]:- ساقط من م.
[72648]:- الزُّلَفُ: منازل الليل. انظر مفردات الراغب: 219 (زلف).
[72649]:- زيادة من أ.
[72650]:- ث: الصلاة.
[72651]:- انظر تفسير هذه الآية في الجزء الذي حققه د. حنشي 2/211-13.
[72652]:- الإسراء: 78. قوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر، إن قرآن الفجر كان مشهودا}.
[72653]:- في مفردات الراغب: 173 (ذلك "ميلها للغروب".
[72654]:- ث: الطهر (تصحيف).
[72655]:- في مفردات الراغب 373 (غسق) "غسق الليل شدة ظلمته..." والغاسق: الليل المظلم". وقال ابن الأثير: "يقال: غَسَقَ يَغْسِقُ غُسُوقاً فهو غاسِق: إذا أظلم، وأغسق مثله، وسمي غاسقا لأنه إذا خسف أو أخذ في المغيب أظلم" انظر النهاية 3/366، بتصرف. وانظر ص 877-87 من هذا التفسير عند الكلام عن قوله تعالى: {... ومن شرّ غاسق إذا وقب} [العلق: 3].
[72656]:- ث: الغشا.
[72657]:- ما بين قوسين (يعني المغرب – جمعت) ساقط من أ.
[72658]:- طه: 130. قوله تعالى {فاصبر على ما يقولون، وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، ومن آناء الليل فسبّح وأطراف النهار لعلك ترضى}.
[72659]:- ساقط من م.
[72660]:- م، ث: فسبحه. وقد وردت هذه الصيغة في قوله تعالى: {ومن الليل فسبّحه وإدبار السجود} (ق: 40).
[72661]:- أ: الى.
[72662]:- م، ث: تجمع.
[72663]:- م، ث: فسّبح.
[72664]:- ساقط من ث.
[72665]:- غافر: 55 قوله تعالى: {فاصبر إن وعد الله حقّ، واستغفر لذنبك وسبّح بحمد ربّك بالعشيّ والإبكار}.
[72666]:- ث: نزل.