{ نزلنا عليك القرآن } أمرنا ملك الوحي فنزل عليك بالقرآن آيات آيات وليس جملة واحدة .
{ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ( 23 ) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ( 24 ) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( 25 ) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ( 26 ) }
بعد أن تضمنت الآية الرابعة وعيد الكافرين والآيات الثمان عشرة التالية لها وعد الله تعالى عباده الأخيار الأبرار . جاءت هذه الآيات تثبت فؤاد النبي المختار ، وتعهد إلى أمة القرآن أن تستديم تقديس الفرقان ، وتصبر على الوفاء بعهد الله ، وتحذر طاعة الكفار والفساق العصاة ، وتحافظ على إقامة الصلاة ، وتحيي ليلها بالتهجد والاستغفار بالأسحار ، وتلاوة الكتاب المجيد وتسبيح العزيز الغفار ؛ { إنا نحن نزلنا عليك القرآن } حق اليقين أنا نحن لا سوانا أردنا أن يتنزل عليك الفرقان متفرقا آيات بعد آيات تيسيرا عليك وعلى أمتك في حفظه وتدبره والعمل به ، وتقوية لحجتك : { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا }{[8543]} ، وذكرى بأن العاقبة للمتقين ، وعظة تتعاقب على مر السنين ، ولقد جاءت هذه الشهادة من الله الحق بكلمات حكيمة { إنا } بالتوكيد ؛ { ونحن } لتوكيد اسم إن ؛ و{ تنزيلا } الذي هو مصدر مؤكد لفعله ؛ فاصبروا على الوفاء بعهد الله وأماناته ، وما شرع لكم ، وعلى ما تلاقونه في سبيل نصرة دينكم ، ولا تستجيبوا لشيء مما يدعوكم إليه أهل الكفر وأهل الفسوق ، فإنهم لا يألونكم خبالا { ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء . . . }{[8544]} . [ قال الفراء : لا تطع واحدا منهما سواء كان آثما أو كفورا ، ولو كان العطف بالواو كان نصا في النهي عن طاعتهما معا ولا يلزم منه النهي عن طاعة كل منهما على الانفراد ]{[8545]} ؛ وأقيموا الصلاة التي في أول النهار- صلاة الصبح- والصلاتين اللتين أوجبهما الله تعالى وقت الأصيل- وهما الظهر والعصر- { ومن الليل فاسجد له } وصل صلاتي الليل – المغرب والعشاء- وقم الليل إلا قليلا ، قارئا للقرآن ، مسبحا الملك الديان { وسبحه ليلا طويلا } ولقد وفى النبي صلى الله عليه وسلم بعهد ربه ، وشهد الله بفضله ، وطائفة من صحبه الأكرمين ، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين : { إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك }{[8546]} ووعد المتقين المحسنين منازل عالية في جنات النعيم ، بما ناجوا ربهم والخليون هجع ، وبما قاموا والناس نيام ، وبما أنابوا إلى ربهم آناء الليل : { إن المتقين في جنات وعيون ، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين . كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون }{[8547]} ؛ مما أورد ابن كثير : كما أكرمتك بما أنزلت عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره . { ولا تطع منهم آثما أو كفورا } أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك ، بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله ، فإن الله يعصمك من الناس ، وقال الطيبي : الأقرب من حيث النظم أنه تعالى لما نهى حبيبه صلى الله عليه وسلم عن إطاعة الآثم والكفور ، وحثه على الصبر على أذاهم وإفراطهم في العداوة ، وأراد سبحانه أن يرشده إلى متاركتهم عقب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته بالعبادة ليلا ونهارا بالصلوات كلها من غير اختصاص ، وبالتسبيح بما يطيق ، على منوال قوله تعالى : { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين }{[8548]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.