نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَخَرَجَ مِنۡهَا خَآئِفٗا يَتَرَقَّبُۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (21)

{ فخرج } أي موسى عليه الصلاة والسلام مبادراً { منها } أي المدينة لما علم من صدق قوله مما حفّه من القرائن ، حال كونه { خائفاً } على نفسه من آل فرعون { يترقب } أي يكثر الالتفات بإدراة رقبته في الجهات ينظر هل يتبعه أحد ؛ ثم وصل به على طريق الاستئناف قوله : { قال } أي موسى عليه الصلاة والسلام : { رب } أي أيها المحسن إليّ بالإيجاد والتربية وغير ذلك من وجوه البر { نجني } أي خلصني ، مشتق من النجوة ، وهو المكان العالي الذي لا يصل إليه كل أحد { من القوم الظالمين* } أي الذين يضعون الأمور في غير مواضعها فيقتلون من لا يستحق القتل مع قوتهم ، فاستجاب الله له فوفقه لسلوك الطريق الأعظم نحو مدين ، فكان ذلك سبب نجاته ، وذلك أن الذين انتدبوا إليه قطعوا بأنه لا يسلك الطريق الأكبر ، جرياً على عادة الخائفين الهاربين في المشي عسافاً ، أو سلوك ثنيات الطريق فانثنوا فيما ظنوه يميناً وشمالاً ففاتهم .