نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

ولما بشر بتمليكهم في سياق دال على مكنتهم ، صرح بها فقال : { ونمكن } أي نوقع التمكين { لهم في الأرض } أي كلها لا سيما أرض مصر والشام ، بإهلاك أعدائهم وتأييدهم بكليم الله ، ثم بالأنبياء من بعده عليهم الصلاة والسلام بحيث نسلطهم بسببهم على من سواهم بما نؤيدهم به من الملائكة ونظهر لهم من الخوارق .

ولما ذكر التمكين ، ذكر أنه مع مغالبة الجبابرة إعلاماً بأنه أضخم تمكين فقال عاطفاً على نحو : ونريد أن نأخذ الذين علوا في الأرض وهم فرعون وهامان وجنودهما : { ونري } أي بما لنا من العظمة { فرعون } أي الذي كان هذا الاستضعاف منه { وهامان } وزيره { وجنودهما } الذين كانا يتوصلان بهم إلى ما يريدانه من الفساد { منهم } أي المستضعفين { ما كانوا } أي بجد عظيم منهم كأنه غريزة { يحذرون* } أي يجددون حذره في كل حين على الاستمرار بغاية الجد والنشاط من ذهاب ملكهم بمولود منهم وما يتبع ذلك ، قال البغوي : والحذر : التوقي من الضرر . والآية من الاحتباك : ذكر الاستضعاف أولاً دليلاً على القوة ثانياً ، وإراءة المحذور ثانياً دليلاً على إرادة المحبوب أولاً ، وسر ذلك أنه ذكر المسلي والمرجي ترغيباً في الصبر وانتظام الفرج .