التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُم بُرۡهَٰنٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ نُورٗا مُّبِينٗا} (174)

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ( 174 )فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا( 175 ) } .

عبارة الآيتين واضحة ، وفيها هتاف للمرة الثانية موجه للناس أن قد جاءهم برهان من الله ونور واضح على لسان رسوله . فلم يبق شيء غامض من حقائق ما يجب عليهم أن يسيروا فيه من سبيل الحق . وفيها بشرى للذين آمنوا بالله واعتصموا به وحده استجابة لله ورسوله فهم الذين يدخلهم الله في رحمته ويهديهم إلى طريقه المستقيم .

ولم نطلع على رواية خاصة في نزولهما والمتبادر أنهما متصلتان بالآيات السابقة اتصالا موضوعيا وتعقيبيا . وأسلوبها قوي نافذ موجه إلى القلوب والعقول . ولعل حكمة عدم ذكر الذين لم يؤمنوا ولم يعتصموا هي في كون المهم في الأمر هو التنويه بالمؤمنين المستجيبين المعتصمين والحث على الاستجابة والاعتصام .

هذا ، ومن تحصيل الحاصل أن نقول : إن هذه الآيات وما قبلها مما هو موجه للنصارى واليهود وللناس انطوت على دلالة نصية حاسمة بأن الدعوة المحمدية موجهة للناس جميعهم على اختلاف نحلهم وأجناسهم . وهذه العمومية موطدة في النصوص المكية وفي غير هذه الآيات من السور المدنية أيضا على ما نبهنا عليه في المناسبات السابقة ، وفي هذا وذاك رد حاسم على بعض المستشرقين الذين يحلو لهم أن يزعموا أن فكرة العمومية في الرسالة المحمدية لم تكن صريحة أو على الأقل كانت طارئة ومتأخرة .