جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{قَالُواْ بَلۡ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا كَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ} (74)

{ قَالُوا{[3682]} بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } فقلدناهم أسندوا فعلهم إلى التقليد المحض


[3682]:لما لم يجد أبوه وقومه ما يدفعون به حجته عدلوا إلى التقليد، وهذا من أقوى الدلائل على فساد التقليد، ووجوب التمسك بالاستدلال إذ لو قلبنا الأمر فمدحنا التقليد، وذممنا الاستدلال لكان ذلك مدحا لطريقة الكفار التي ذمها الله تعالى، وذما بطريقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام التي مدحها الله تعالى، فأجابهم إبراهيم عليه السلام بقوله: {أفرأيتم} إلخ أراد به أن الباطل لا يتغير بأن يكون قديما وحديثا، ولا بأن يكون في فاعليه كثرة أو قلة هذا ما في الكبير، وفي الفتح لم يجدوا لحجة إبراهيم جوابا إلا رجوعهم إلى التقليد البحث، وهذا الجواب هو العصا التي يتوكأ عليها كل عاجز، ويمشي بها كل أعرج فإنك لو سألت هذه المقلدة للرجال التي طبقت الأرض بطولها، والعرض، وقلت لهم: ما الحجة كم على تقليد فرد من أفراد العلماء، والأخذ بكل ما يقوله في الدين، ويبتدعه من الرأي المخالف للدليل لم يجدوا غير هذا الجواب، وأخذوا يعدون عليك من سبقهم إلى تقليد هذا من سلفهم، وظنوا أنهم خير أهل الأرض وأعلمهم فلم يسمعوا لناصح نصحا، ولو فطنوا لرأوا أنفسهم في غرور عظيم، وجهل شنيع، فعليك أيها العامل بالكتاب والسنة أن تورد عليهم حجج الله، فإنه ربما انقاد لك منهم من لم يستحكم داء التقليد في قلبه، وأما من استحكم فيه فإنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء /12.